قال الزّهريّ: «السّهام التي رمي بها سعد يومئذ كانت ألف سهم» .
وروى ابن عائذ عن يحيى بن حمزة مرسلا، عن سعد بن أبي وقاص قال: رميت بسهم فردّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وسهمي أعرفه، حتى واليت بين ثمانية أو تسعة، كل ذلك يردّه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت هذا السهم في كنانتي لا يفارقني.
وروى البخاري والحسن بن عرفة، عن سعد قال: نثل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كنانته يوم أحد، وقال: «ارم فداك أبي وأمّي» .
روى البخاري عن علي رضي الله عنه قال: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع أبويه لأحد إلا لسعد بن مالك،
سمعته يقول يوم أحد: «يا سعد ارم فداك أبي وأمّي» .
وروى أيضا عن سعد قال: «لقد جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد بين أبويه كليهما، يريد حين
قال: «فداك أبي وأمي، وهو يقاتل»
[ (١) ] .
قال محمد بن عمر رحمه الله: كان رجال من المشركين قد أذلقوا المسلمين بالرّمي منهم حبان بن العرقة، وأبو أسامة الجشميّ.
فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لسعد: «ارم فداك أبي وأميّ»
ورمى حبّان بسهم فأصاب ذيل أم أيمن وكانت تسقي الجرحى، فانكشف عنها فاستغرب عدوّ الله في الضحك، فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فدفع إلى سعد [بن أبي وقّاص سهما] لا نصل له، فقال: «ارم به» ، فوقع السهم في ثغرة نحر حبّان، فوقع مستلقيا وبدت عورته، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قال: «استقاد لها سعد أجاب الله دعوتك وسدّد رميتك» .
وكان مالك بن زهير أخو أبي أسامة الجشميّ وهو وحبّان بن العرقة قد أكثرا في المسلمين القتل بالنّبل، فرمى سعد مالكا بسهم أصاب عينه، حتى خرج من قفاه وقتله. وقاتلت أمّ عمارة نسيبة- وهي بمهملة وموحدة مصغر على المشهور، وعن ابن معين والفربري ككريمة- بنت كعب المازنيّة يومئذ، فلما انهزم المسلمون انحازت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وباشرت القتال، وجعلت تذبّ عنه بالسيف، وترمي عن القوس. ولما قصد ابن قمئة رسول الله صلى الله عليه وسلم اعترضت له ومصعب بن عمير، وضربت ابن قمئة ضربات، ولكن عدوّ الله كان عليه درعان، وضربها هو بالسيف فجرحها جرحا عظيما، صار له فيما بعد غور.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان» وقال: «ما التفتّ يمينا ولا شمالا إلا وأنا أراها تقاتل دوني» . وقال لابنها عبد الله بن زيد بن عاصم:
«بارك الله
[ (١) ] أخرجه البخاري ٥/ ١٢٤ وذكره ابن كثير في البداية والنهاية ٤/ ٢٧.