منها لبمكان، لما رأى من تثبّتها على أخيها وخالها، وصياحها على زوجها» ، ثم قال لها: «لم قلت هذا؟» قالت: يا رسول الله، ذكرت يتم بنيه فراعني،
فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولولدها أن يحسن الله تعالى عليهم من الخلف.
وروى ابن ماجة عن إبراهيم بن أحمد بن عبيد الله بن جحش عن أبيه عن حمنة بنت جحش: أنّه قيل لها: قتل أخوك، فقالت: رحمه الله، وإنا لله وإنا إليه راجعون، فقالوا: قتل زوجك، فقالت: وا حزناه!
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن للزّوج من المرأة لشغفة ما هي لشيء!» [ (١) ] .
وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى طلع على بني عبد الأشهل وهم يبكون على قتلاهم، فذرفت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: لكنّ حمزة لا بواكي له!
فخرج النساء ينظرن إلى سلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت أمّ عامر الأشهلية: كل مصيبة بعدك جلل!.
ومرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، بامرأة من بني دينار قد أصيب أبوها وزوجها وأخوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأحد، فلمّا نعوا إليها قالت: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: خيرا يا أمّ فلان، هو بحمد الله كما تحبين، قالت: أرونيه حتى أنظر إليه فأشير بها إليه، فلما رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل!
وروى الطبراني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لما كان يوم أحد حاص أهل المدينة حيصة، وقالوا: قتل محمد، حتى كثر الصراخ في ناحية المدينة، فخرجت امرأة من الأنصار محزمة، فاستقبلت بأبيها ابنها وزوجها وأخيها، لا أدري أيّهم استقبلت به أولا، فلما مرّت على آخرهم قالوا: أبوك، زوجك، أخوك، ابنك، فتقول: ما فعل رسول الله؟ يقولون:
أمامك، حتى دفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذت بناحية ثوبه، ثم قالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لا أبالي إذا سلمت من عطب! وروى ابن أبي حاتم، عن عكرمة مرسلا قال: لما أبطأ الخبر على النساء خرجن يستخبرن، فإذا رجلان مقتولان على دابة أو بعير، فقالت امرأة من الأنصار: من هذان؟ قالوا:
فلان وفلان: أخوها وزوجها أو زوجها وابنها. فقالت: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: حيّ، قالت: فلا أبالي، يتّخذ الله من عباده شهداء، وأنزل الله تعالى على ما قالت: وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ [آل عمران ١٤٠]
[ (١) ] أخرجه ابن ماجة (١٩٥٠) والبيهقي في السنن ٤/ ٦٦ والحاكم في المستدرك ٤/ ٦١ وابن كثير في البداية والنهاية ٤/ ٤٧.