سقتم كنانة جهلا من سفاهتكم ... إلى الرّسول فجند الله مخزيها
أوردتموها حياض الموت ضاحية ... فالنّار موعدها والقتل لاقيها
جمعتموهم أحابيشا بلا حسب ... أئمّة الكفر غرّتكم طواغيها
ألا اعتبرتم بخيل الله إذ قتلت ... أهل القليب ومن ألقينه فيها؟!
كم من أسير فككناه بلا ثمن ... وجزّ ناصية كنّا مواليها
وقال كعب بن مالك رضي الله عنه يجيبه أيضا:
ألا هل أتى غسّان عنّا ودونهم ... من الأرض خرق سيره متنعنع
صحار وأعلام كأنّ قتامها ... من البعد نقع هامد متقطّع
تظلّ به البزل العراميس رزّحا ... ويخلو به غيث السّنين فيمرع
به جيف الحسرى يلوح صليبها ... كما لاح كتّان التّجار الموضّع
به العين والأرآم يمشين خلفة ... وبيض نعام قيضه يتقلّع
مجالدنا عن ديننا كلّ فخمة ... مدرّبة فيها القوانس تلمع
وكلّ صموت في الصّوان كأنّها ... إذا لبست نهي من الماء مترع
ولكن ببدر سائلوا من لقيتمو ... من النّاس والأنباء بالغيب تنفع
وإنّا بأرض الخوف لو كان أهلها ... سوانا لقد أجلوا بليل فأقشعوا
إذا جاء منّا راكب كان قوله ... أعدّوا لما يزجي ابن حرب ويجمع
فمهما يهمّ النّاس ممّا يكيدنا ... فنحن له من سائر النّاس أوسع
فلو غيرنا كانت جميعا تكيده ال ... بريّة قد أعطوا يدا وتورّعوا
نجالد لا تبقى علينا قبيلة ... من الناس إلا أن يهابوا ويفظعوا
ولمّا ابتنوا بالعرض قال سراتنا: ... علام إذا لم تمنع العرض نزرع؟!
وفينا رسول الله نتبع أمره ... إذا قال فينا القول لا نتطلّع
تدلّى عليه الرّوح من عند ربّه ... ينزل من جو السّماء ويرفع
نشاوره فيما نريد وقصدنا ... إذا ما اشتهى أنّا نطيع ونسمع
وقال رسول الله لمّا بدوا لنا: ... ذروا عنكم هول المنيّات واطمعوا
وكونوا كمن يشري الحياة تقرّبا ... إلى ملك يحيا لديه ويرجع
ولكن خذوا أسيافكم وتوكّلوا ... على الله أن الأمر لله أجمع
فسرنا إليهم جهرة في رحالهم ... ضحيّا علينا البيض لا نتخشّع
بملمومة فيها السّنوّر والقنا ... إذا ضربوا أقدامها لا تورّع
فجئنا إلى موج من البحر وسطه ... أحابيش منهم حاسر ومقنع