للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«ورأيت نفرا منحّرة» ، وقال فيه: إن الدّرع المدينة، والنّفر نفر، هكذا بنون وفاء، وهو يؤيّد الاحتمال المذكور.

الخامس: لما ذبّ فرس بذنبه فأصاب كلّاب سيفه فسلّه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفاءل ولا يعتاف.

قال أبو القاسم الخثعميّ: وظاهر الكلام أن العيافة في المكروه خاصة، والفأل في المحبوب وقد يكون في المكروه والطّيرة تكون في المكروه والمحبوب. وفي الحديث: أنّه نهى عن الطّيرة

وقال: «خيرها الفأل»

فدلّ على أنها تكون على وجوه، والفأل خيرها. ولفظها يعطى أنها تكون في الخير والشرّ، لأنها من الطّير، تقول العرب: جرى له طائر بخير، وجرى له بشرّ. وفي التنزيل وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ [الإسراء ١٣]

وقوله في هذا الحديث: «إني أرى السيوف اليوم ستسلّ»

يقوّي ما قدمناه من التّوسّم والزجر المصيب، وأنّه غير المكروه، ولكنه غير مقطوع به إلا أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

السادس: دلّ مروره صلى الله عليه وسلم في أرض ذلك المنافق أنه يجوز للإمام السّلوك في بعض أملاك رعيّته، إذا صادف ذلك طريقه، وإن لم يرض المالك.

السابع: مظاهرته صلى الله عليه وسلم بين درعين وقع مرّتين في أحد، وفي حنين، لا غير فيما أعلم، وفي ذلك إشارة إلى الأخذ بالحزم والاحتياط، وأنّ ذلك لا ينافي التّوكّل.

الثامن: ليس تمنّي عبد الله بن جحش أن يقتل في سبيل الله من تمنّي الموت المنهيّ عنه.

التاسع: اختلف أهل العلم في الشّهيد إذا قتل جنبا: هل يغسّل كما غسّلت الملائكة حمزة وحنظلة رضي الله عنهما.

العاشر: قول أبي دجانة: «أنا الذي عاهدني خليلي» وكذا قول أبي هريرة: «حدثني خليلي» لا يدفع

بقوله صلى الله عليه وسلم: «لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر»

[ (١) ] ، لأن أبا دجانة وأبا هريرة يريدان به معنى الحبيب، وإنّما فيه إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليقولها لأحد من أصحابه، ولا خصّ بها أحدا، دون أن يمنع أحدا من أصحابه أن يقولها، وما كان في قلوبهم من المحبة يقتضي هذا أو أكثر منه، ما لم يكن الغلوّ والقول المكروه،

فقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح، وإنما أنا عبد الله ورسوله» [ (٢) ] .


[ (١) ] أخرجه أحمد في المسند ١/ ٤٦٣ وعبد الرزاق (١٩٠٤٩) وأبو نعيم في الحلية ٣/ ٣٤٣ والخطيب في التاريخ ٣/ ١٣٤ وابن عدي في الكامل ٧/ ٢٦١٩.
[ (٢) ] أخرجه البخاري ٤/ ٢٠٤ ومسلم في كتاب القدر (٣٤) .