للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحادي عشر:

قول علي رضي الله عنه: «ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد: فداك أبي وأمي إلا لسعد يوم أحد» . رواه البخاري [ (١) ] وغيره،

وروي أيضا عنه: «ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبويه لأحد إلا لسعد»

[ (٢) ] .

قال في الروض: والرواية الأولى أصحّ، والله أعلم، لأنه أخبر أنه لم يسمع، وقد قال الزبير بن العوام: أنه صلى الله عليه وسلم جمع له أيضا أبويه، كما رواه الزبير بن بكار في كتاب النسب.

قال السّهيليّ: وفقه هذا الحديث أن هذا الكلام جائز لمن كان أبواه غير مؤمنين، وأمّا إذا كانا مؤمنين فلا، لأنّه كالعقوق لهما، كذلك سمعت شيخنا أبابكر بن العربيّ يقول في هذه المسألة. قلت: قال الإمام النووي في كتابه «حلية الأبرار» : المذهب الصحيح المختار أنه لا يكره قول الإنسان لغيره: فداك أبي وأمي، أو جعلني الله فداك. وقد تظاهرت على جواز ذلك الأحاديث المشهورة في الصحيحين وغيرهما، وسواء كان الأبوان مسلمين أو كافرين، وكره ذلك بعض العلماء إذا كان مسلمين.

قال النحاس: وكره مالك بن أنس: «جعلني الله فداك» ، وأجازه بعضهم. قال القاضي عياض رحمه الله: ذهب جمهور العلماء إلى جواز ذلك، سواء كان المفدّى به مسلما أو كافرا. قال النّوويّ: قد جاء من الأحاديث الصحيحة في جواز ذلك ما لا يحصى. وقد نبّهت على جمل منها في شرح صحيح مسلم، والمراد بالتفدية التعظيم والإجلال، لأن الإنسان لا يفدّي إلا من يعظّمه، وكان مراده بذلك نفسي، أو من يعزّ عليّ في مرضاتك وطاعتك.

الثاني عشر: يأتي الكلام على شرب أبي سعيد الخدري دم النبي صلى الله عليه وسلم في الخصائص.

الثالث عشر: اختلف في سبب نزول قوله تعالى: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ [آل عمران ١٢٨] فروى ابن أبي شيبة والإمام أحمد والشيخان عن أنس رضي الله عنه، وابن جرير، عن قتادة، وعبد الله بن حميد عن الحسن، وابن جرير عن الربيع: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد، وشجّ وجهه حتى سال الدّم على وجهه،

فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو عليهم فقال: «كيف يفلح قوم أدموا وجه نبيّهم، وهو يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى الشّيطان، ويدعوهم إلى الهدى ويدعونه إلى الضّلالة، ويدعوهم إلى الجنّة ويدعونه إلى النار»

فهمّ أن يدعو عليهم، فنزلت، فكفّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدعاء عليهم [ (٣) ] .


[ (١) ] أخرجه البخاري في كتاب الأدب (٦١٨٤) .
[ (٢) ] أخرجه البخاري في كتاب المغازي (٤٠٥٩) .
[ (٣) ] أخرجه البخاري في كتاب المغازي معلقا ٥/ ٢٢٣ ومسلم ٣/ ١٤١٧ (١٠٤- ١٧٩١) .