للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسروق قال: سألنا عبد الله، يعني ابن مسعود، عن هذه الآيات فقال: إنّا قد سألنا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم،

فقال: «أرواحهم في جوف طير خضر» ،

وفي لفظ عبد الرزاق: «أرواح الشهداء عند الله كطير خضر، لها قناديل من ذهب، معلّقة بالعرض تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطّلع إليهم ربّهم اطّلاعة

فقال: هل تشتهون شيئا؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا: يا ربنا، نريد أن تردّ أرواحنا في أجسادنا حتى نقاتل في سبيلك مرّة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا» .

وروى عبد الرزاق عن أبي عبيدة، عن عبد الله: أنه قال الثالثة حين قال لهم: «ما تشتهون من شيء؟ قالوا: تقري نبيّنا السّلام، وتبلّغه إنا قد رضينا وارض عنّا» .

وروى هذا ابن السّريّ وابن أبي حاتم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري:

أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر ترعى في رياض الجنة، ثم يكون مأواها إلى قناديل معلقة بالعرش» [ (١) ] ،

فذكر نحو ما سبق.

وروى عبد الرزاق وسعيد بن منصور عن ابن عباس قال: «أرواح الشهداء تجول في أجواف طير تعلّق في ثمر الجنة» .

وروى ابن جرير نحوه عن السّدّيّ.

وروى ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: بَلْ أَحْياءٌ قال: في صور طير خضر يطيرون في الجنة حيث شاءوا.

وروى عمر بن شبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي قبور الشهداء فإذا أتى فرضة الشّعب يقول: السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار،

ثم كان أبو بكر بعد النبي صلى الله عليه وسلم يفعله، وكذا عمر وعثمان [ (٢) ] .

وروى البيهقي من طرق، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وابن سعد والبيهقي من طريق آخر عنه، ومحمد بن عمر عن شيوخه: قال جابر: استصرخنا إلى قتلانا يوم أحد حين أجرى معاوية العين، فأتيناهم فأخرجناهم رطابا تتثنّى أطرافهم. قال شيوخ محمد بن عمر:

وجدوا والد جابر ويده على جرحه، فأميطت يده عن جرحه، فانبعث الدم فردّت إلى مكانها فسكن الدّم، قال جابر: فرأيت أبي في حفرته كأنه نائم، والنّمرة التي كفّن فيها كما هي، والحرض على رجليه على هيئته، وبين ذلك ستّ وأربعون سنة، وأصابت المسحاة رجلا


[ (١) ] أخرجه الترمذي (١٦٤١) وأحمد في المسند ٦/ ٣٨٦ وذكره المتقي الهندي في كنز العمال (١١١٠٧) .
[ (٢) ] ذكره السيوطي في الدر ٤/ ٥٨ وعزاه لابن جرير.