للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهم. قال الشيوخ: وهو حمزة، فانبعث الدّم، فقال أبو سعيد الخدري: لا ينكر بعد هذا منكر، ولقد كانوا يحفرون التراب، فكلما حفروا نقرة من تراب فاح عليهم ريح المسك.

وروى الحارث بن أبي أسامة في سنده، عن سعد بن أبي وقاص، والحاكم عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ذكر أصحاب أحد يقول: «أما والله لوددت أنّي غودرت مع أصحابي بفحص الجبل» ،

يعني شهداء أحد [ (١) ] .

وروى الحاكم عن عبد الله بن أبي فروة مرسلا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار قبور الشهداء بأحد فقال: «اللهم إني عبدك ونبيّك، وأشهد أنّ هؤلاء شهداء، وأنّه من زارهم وسلّم عليهم إلى يوم القيامة ردّوا عليه» .

وروى البيهقي عن هاشم بن محمد العمريّ من ولد عمر بن علي بن أبي طالب قال: أخذني أبي بالمدينة إلى زيارة قبور الشّهداء، في يوم جمعة بين الفجر والشمس، فلما انتهى إلى المقابر رفع صوته فقال: السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، فأجيب: وعليك السلام يا عبد الله، فالتفت أبي إليّ فقال: أنت المجيب، فقلت: لا، فجعلني عن يمينه، ثم أعاد السلام، فجعل كلّما سلّم يردّ عليه ثلاث مرات، فخرّ ساجدا شاكرا لله تعالى.

وروى ابن مندة، عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: أردت مالي بالغابة فأدركني الليل فأويت إلى قبر عبد الله بن حرام، فسمعت قراءة من القبر ما سمعت أحسن منها، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: «ذاك عبد الله ألم تعلم أن الله تعالى قبض أرواحهم فجعلها في قناديل من زبرجد وياقوت، ثم علّقها وسط الجنة، فإذا كان الليل ردت إليهم أرواحهم، فلا تزال كذلك، حتى إذا طلع الفجر ردّت أرواحهم إلى مكانها الذي كانت فيه!» .

وروى الحاكم والبيهقي بسند صحيح عن العطاف بن خالد قال: حدثتني خالتي أنها زارت قبور الشّهداء، قالت: وليس معي إلا غلامان يحفظان الدّابة، فسلمت عليهم، فسمعت ردّ السلام، قالوا: والله إنّا نعرفكم كما يعرف بعضنا بعضا، قالت: فاقشعرّ جلدي فقلت: يا غلام أدن البغلة فركبت.

وروى ابن أبي شيبة والإمام أحمد وابن حبان، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشهداء على بارق- نهر بباب الجنة- في قبّة خضراء يخرج إليهم


[ (١) ] أخرجه أحمد في المسند ٣/ ٣٧٥ والبيهقي في الدلائل ٣/ ٣٠٤ والحاكم في المستدرك ٣/ ٢٨.