لقد احتوى هذا العمل على مجموعة من الأخطاء الأساسية التي كان مصدرها تبني أسلوب المستشرقين وتبني وجهات نظرهم وهم أساسا لا يعترفون بالإسلام دينا خاتما ولا بالنبي محمد. ولا يؤمنون بالوحي ولا يفرقون كما يفرق المسلمون بين الألوهية والنبوة.
وفي مقدمة هذا البحث، نؤكد أنّ كتابات العصريين في السيرة النبوية كانت في عصرها أمرا محببا أقبل الناس عليه وقدّمت سيرة الرسول وعظمة الإسلام للجماهير التي كانت لا تلم بالدراسات العلمية إلا قليلا.
فقد كتبت هذه الفصول أول الأمر في المجلات الأسبوعية، الذائعة (السياسية الأسبوعية. والرسالة) مما كان لها أثرها في الانتشار والذيوع. وقد اختلفت فعلا عما سبقها من كتابات السيرة التي نشرت في مؤلفات لغلبة الأسلوب الصحفي الميسر.
ولقد كانت هذه الكتابات في تقدير المؤرخين والباحثين على حالتين:
الحالة الأولى:
العامل القريب والمباشر وهو ظهور حركة التبشير المسيحي الضخمة في القاهرة عن طريق الجامعة الأمريكية عام ١٩٣٢ وتنصير عدد من الطلاب المسلمين بها وكان ذلك جزءا من موجة ضخمة قام بها الغرب بعد أن استردت الفاتيكان الأموال الطائلة التي كانت قد احتجزتها الحكومة الإيطالية عنها.
الحالة الثانية:
أثر الحرب العالمية الثانية في نفوس الناس بالدعوة إلى الرجعة إلى الدين والتطلع إلى آفاق جديدة تقدمها رسالات السماء وفي مقدمتها الإسلام.
غير أن هناك عوامل أخرى خفية وراء ظواهر الأحداث تحدثت عنها كتابات الباحثين والمراقبين لهذه الأحداث منها:
أولا: رغبة حزب الأحرار الدستوريين في كسب مشاعر الوطنيين بعد أن عرف عنه أنه الحزب الذي يجمع دعاة التغريب وأساطينه والذي صدرت من تحت عباءته الكتب التي أثارت الضجة وخالفت مفاهيم الإسلام الأساسية وهزت مشاعر الناس وفي مقدمتها (الشعر الجاهلي لطه حسين) و (الإسلام وأصول الحكم لعلي عبد الرازق) . وكانت الفكرة التي استقر عليها الرأي هو الدخول إلى مشاعر المسلمين من طريق الكتابة عن الرسول صلى الله عليه وسلم (هذا بالنسبة لكتاب حياة محمد للدكتور هيكل) .
ثانيا: الموقف الذي أحدثته الحرب العالمية من ائتلاف بين البلاشفة والرأسماليين في