وجه النازية وما تسرب إلى البلاد العربية من دعايات شيوعية ورغبة الغرب في مواجهتها عن طريق تزييف مفهوم الماركسية عن البطولة الجماعية ورد الاعتبار للبطولة الفردية التي كانت عنوانا على الفكر الليبرالي الغربي. ومن هنا كانت الكتابة عن البطولات الإسلامية من منطلق غربي «هذا بالنسبة للعبقريات» .
وقد ظهرت هذه الكتابات متفرقة في الصحف: حياة محمد في ملاحق السياسة ١٩٣٢ على أنها ترجمة وتلخيص لكتاب إميل درمنجم وكانت تنشر تحت هذا العنوان (حياة محمد. تأليف إميل درمنجم. تلخيص وتعليق الدكتور محمد حسين هيكل) ثم ظهرت فصول (على هامش السيرة) في الأعداد الأولى من مجلة الرسالة التي صدرت ١٩٣٣ بقلم الدكتور طه حسين. أما فصول (عبقرية محمد) فقد بدأت عام ١٩٤٢ بقلم الأستاذ العقاد في أحد الأعداد السنوية الخاصة بالهجرة بعد أن اشتعلت الحرب العالمية الثانية بعامين.
وكان الكتاب الثلاثة من المعروفين في مجال الدراسات الأدبية والسياسية بأنهم عصريون ليبراليون علمانيون، قليلو الاهتمام بالدراسات الإسلامية. بل كانت جريدة السياسة تحمل حملات ضخمة على الإسلام (هيكل- طه حسين- علي عبد الرازق- محمد عبد الله عنان) وتؤازر الغزو الثقافي، بل لقد حمل الأستاذ العقاد حملة ضارية على الكتب الإسلامية التي صدرت عام ١٩٣٥ في جريدة روز اليوسف اليومية وعدّها ظاهرة خطيرة وقال: إن هذه الكتابات بمثابة مؤامرة على القضية الوطنية، وتردد يومها أن الدكتور محمد حسين هيكل قد أحرز قدرا ضخما من الكسب المادي من كتابه ومن ثم أصبحت الكتابة الإسلامية موضع تقدير في نظر الكتاب، غير أن أخطر ما هنالك أن الدكتور هيكل وعلي عبد الرازق أعلنا موقفا خطيرا في مجلس الشيوخ عند ما أثير النقاش في كتابات طه حسين ووقفا للدفاع عنه وتبين من ذلك أن الكتابة عن الإسلام لم تكن تصدر عن إيمان برسالة الإسلام (دينا ودولة) وإنما كانت من الأعمال السياسية والحزبية. وإذا كانت كتب: حياة محمد، وعلى هامش السيرة، والعبقريات، قد هزت وجدان الشعب المسلم وقتها وأحدثت نوعا من الإعجاب والتقدير فإن هذا كان هدفا مقصودا من الجهات التي شجعت ذلك وهو:
أولا: مواجهة حركة اليقظة الإسلامية التي كانت تهدف إلى تقديم الإسلام كمنهج حياة ونظام مجتمع بكتابات إسلامية من أقلام لها مكانتها السياسية في الجماهير لتحويل التيار نحو المفاهيم العلمانية والليبرالية وهو ما يسمى (تقديم البديل) المتشابه ظاهريا والمختلف جوهرا وهو بهذا استجابة ظاهرية للموجة الإسلامية ومحاولة لاحتوائها.
ثانيا: فرض المفهوم الغربي على السيرة والتاريخ الإسلامي وهو المفهوم المفرغ من الوحي والغيبيات والمعجزات.