للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن هذه الظاهرة بالإعجاب بكتب الليبراليين عن السيرة لم تدم طويلا فقد تكشفت خفاياها وظهر أن منهج الكتابة في هذه المؤلفات لم يكن إسلاميا أصيلا وإنما تشوبه التبعية لمفاهيم الاستشراق والتغريب حتى يمكن أن يقال في غير ما حرج: إن المؤلفات الثلاثة الكبرى (حياة محمد- على هامش السيرة- عبقرية محمد) هي نتاج غربي يعتمد على مذاهب الكتابة الغربية ويخضع لكثير من أخطائها ويسقط بحسن نية وراء مفاهيمها الكنسية والمادية.

ويختلف اختلافا واضحا عن مفهوم الإسلام الجامع.

ولقد تطورت الدراسات الإسلامية في ظل حركة اليقظة الإسلامية واستطاعت أن تتحرر من هذه المرحلة التي كانت تمثل التبعية للفكر الغربي في دراسات التاريخ الإسلامي وكتابة السيرة وهي التي قامت على مفهوم يتسم بالتأويل للمعجزات ومحاولة حجب الكثير من وجوه الإعجاز ومتابعة المستشرقين في مفاهيمهم لسيرة النبي الكريم.

وفي الكتب الثلاثة نجد أن العمل يبدأ غريبا ثم يفرض على سيرة الرسول.

فالدكتور هيكل يبدأ عمله في كتابة السيرة بترجمة كتاب (أميل درمنجم) الكاثوليكي الفرنسي ويتبنى كثيرا من آرائه التي يمكن أن توصف بالخطإ أو عدم القدرة على فهم الإسلام أو تبني عقائد النصارى أو متابعة هدف يرمي إلى التقريب بين الأديان أو الدعوة إلى وحدة الأديان (وهو هدف ضال) .

والأستاذ العقاد يبدأ عمله بمنطق غربي محض هو فكرة (العبقرية) التي تناولتها كتابات الغربيين شوطا طويلا عن نوع من الامتياز أو الذكاء في مجال الفن والموسيقى والشعر والقصة في الغرب ويسحب هذا الوصف على النبي المؤيد بالوحي وعلى العظماء من الصحابة دون تفرقة واضحة بين النبي والصحابي.

والدكتور طه حسين يعلن في غير ما حرج أنه استوحى (هامش السيرة) من كتاب جيل لومتير عنوانه (على هامش الكتب القديمة) وأنه يحشد فيه كل ما استطاع من أساطير اليونان والمسيحية واليهودية والإسرائيليات وهكذا يتبين تبعية هذه الدراسات أصلا للفكر الاستشراقي.

ويمكن تصنيف الأخطاء التي وقعت فيها المدرسة التغريبية في كتابة السيرة على هذا النحو:

أولا: متابعة مناهج ودراسات كتاب الاستشراق فقد عمد الكتاب الكبار الثلاثة إلى البدء في كتابة السيرة من منطلق غربي استشراقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>