للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصلاة من ذلك لما تقرر عندهم من تأكيد أمرها فلا يمتنع أن ينزلوا فيصلوا، ولا يكون في ذلك مضادة لما أمروا به. ودعوى أنهم صلّوا ركبانا يحتاج إلى دليل، ولم أره صريحا في شيء من طرق هذه القصة.

الرّابع: يستفاد من حديث ابن عمر، وكعب بن مالك، وعائشة ترك تعنيف من بذل وسعه واجتهد، فيؤخذ منه عدم تأثيمه، وحاصل ما وقع في القصّة أن بعض الصحابة حملوا النّهي على حقيقته، ولم يبالوا بخروج الوقت ترجيحا للنّهي الثّاني على الأول، وهو ترك تأخير الصّلاة على وقتها واستدلوا بجواز التّأخير لمن اشتغل بأمر الحرب، ولا سيّما الزّمان زمان التشريع، والبعض الآخر حملوا النّهي على غير الحقيقة وأنه كناية عن الحثّ والاستعجال والإسراع إلى بني قريظة: وقال في «زاد المعاد» ما حاصله: كل من الفريقين مأجور بقصده إلا أنّ من صلى حاز الفضيلتين: امتثال الأمر في الإسراع، وامتثال الأمر في المحافظة على الوقت ولا سيّما في هذه القصة بعينها من الحث على المحافظة عليها، وأن من فاتته حبط عمله، وإنما لم يعنّف الذين أخروها لقيام عذرهم في التمسك بظاهر الأمر، ولأنهم اجتهدوا فأخروا امتثالا للأمر، لكنهم لم يصلوا إلى أن يكونوا في أصوب من اجتهاد الطائفة الأخرى.

الخامس: قال السهيلي: قوله «من فوق سبع سموات» معناه أنّ الحكم نزل من فوق.

قال: ومثله قول زينب بنت جحش، رضي الله عنها-: زوّجني الله تعالى من نبيّه من فوق سبع سموات، أي أنزل تزويجها من فوق، قال: ولا يستحيل وصفه- تعالى- بالفوق، على المعنى الّذي يليق بجلاله لا على المعنى الذي يسبق إلى الوهم من التّحديد الّذي يفضي إلى التّشبيه.

السّادس: اختلف في مدة الحصار فقال ابن عقبة: بضع عشرة ليلة، وقال ابن سعد:

خمس عشرة ليلة، وروى ابن سعد عن علقمة بن وقاص خمسا وعشرين ليلة: ورواه ابن إسحاق عن أبيه عن معبد بن كعب، ورواه الإمام أحمد والطبراني عن عائشة- رضي الله عنها.

السّابع: اختلف في عدد من قتل من بني قريظة: فعند ابن إسحاق: أنهم كانوا ستمائة، وبه جزم أبو عمر في ترجمة سعد بن معاذ، وعند ابن عائذ من مرسل قتادة: كانوا سبعمائة.

وقال السّهيلي: المكثر يقول: إنّهم ما بين الثمانمائة إلى التسعمائة، وفي حديث جابر عند الترمذي والنسائي وابن حبان بإسناد صحيح أنهم كانوا أربعمائة مقاتل، فيحتمل في طريق الجمع، أن يقال إن الباقين كانوا أتباعا، وقد حكى ابن إسحاق أنه قيل: إنهم كانوا تسعمائة.

الثّامن: في شرح غريب القصة.

«رجّل رأسه» بفتح الراء والجيم المشددة: سرّحه.

المجمرة- بكسر الميم الأولى: المبخرة.