للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودعا ثم صبّه فيها، وفي حديث المسور، ومروان إن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- انتزع سهما من كنانته ثمّ أمرهم أن يجعلوه فيها، ويمكن الجمع بأن الأمرين وقعا معا، ويؤيّد ذلك ما رواه محمد بن عمر من طريق أوس بن خولي أنه- صلى الله عليه وسلّم- توضأ في الدّلو ثمّ أفرغه فيها وانتزع السّهم ثمّ وضعه فيها، وهكذا ذكر أبو الأسود عن عروة أنه- صلى الله عليه وسلّم- تمضمض في الدّلو وصبّه في البئر، ونزع سهما من كنانته فألقاه فيها ففارت.

الثاني عشر: اختلف في النّازل بالسّهم، فعند ابن إسحاق عن رجال مِن أسلم: أنّه ناجية بن جندب. قال ابن إسحاق: وزعم بعض أهل العلم أنّه البراء بن عازب.

وروى محمد بن عمر عن خالد بن عبادة الغفاريّ قال: أنا الذي نزلت بالسّهم، ويمكن الجمع بأنّهم تعاونوا على ذلك.

الثالث عشر: في حديث جابر- رضي الله عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان بين يديه بالحديبية ركوة فتوضّأ فيها ثمّ أقبل النّاس نحوه فقال «ما لكم؟ فقالوا: يا رسول الله: ليس عندنا ما نتوضّأ ولا نشرب إلا ما في ركوتك. قال: فوضع رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- يده في الرّكوة، فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون، قال: فشربنا وتوضّأنا.

وجمع ابن حبّان بين حديث جابر هذا وبين ما تقدم بأنّ ذلك وقع مرّتين في وقتين، وقال ما تقدم في حديث البراء والمسور ومروان غير ما في حديث جابر، وكان حديثه قبل قصّة البئر، وقال في موضع آخر في حديث جابر في الأشربة من كتاب البخاريّ أنّ نبع الماء كان حين حضرت صلاة العصر عند إرادة الوضوء، وحديث البراء كان لإرادة ما هو أعم من ذلك، ويحتمل أن الماء انفجر من أصابعه ويده في الرّكوة وتوضّأ كلهّم وشربوا، وأمر حينئذ بصب الماء الّذي في الرّكوة في البئر فتكاثر الماء فيها.

الرابع عشر: اقتصر بديل بن ورقاء على قوله: تركت كعب بن لؤي، وعامر بن لؤيّ، لكون قريش الذين كانوا بمكّة أجمع ترجع أنسابهم إليهما، وبقي من قريش بنو سامة بن لؤي، ولم يكن بمكّة منهم أحد، وكذلك قريش الظّواهر، وتقدّم بيانهم في من اسمه القريشي.

قال هشام بن الكلبي: بنو عامر بن لؤي وكعب بن لؤي هما الصريحان لا شكّ فيهما، بخلاف سامة وعوف، أي ففيهما خلاف، قال: وهم قريش البطاح، بخلاف قريش الظّواهر وفي موالاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم.

الخامس عشر:

قوله- صلى الله عليه وسلم- «إن أظهر فإن شاءوا»

إلخ إنّما ردّد- صلى الله عليه وسلّم- الأمر مع أنّه جازم بأنّ الله سينصره ويظهره، لوعده- تعالى- له بذلك على طريق التّنزّل مع الخصم وفرض الأمر على ما زعم الخصم، ولهذه النكتة حذف القسم الأوّل وهو التّصريح بظهور غيره،

وقوله