للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمر بن شبة بعد أن روى أن اسم كاتب الكتاب بين المسلمين وقريش علي بن أبي طالب من طرق، ثمّ روى من طريق آخر أنّ اسم الكاتب محمد بن مسلمة، ثم قال: حدثنا يزيد بن عائشة يزيد بن عبيد الله بن محمد التيمي قال: كان اسم هشام بن عكرمة بغيضا، وهو الذي كتب الصحيفة فشلّت يده فسماه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- هشاما.

قال الحافظ: وهو غلط فاحش، فإنّ الصّحيفة الّتي كتبها هشام بن عكرمة هي التي اتّفقت عليها قريش لما حصروا بني هاشم وبني عبد المطلب في الشّعب، وذلك بمكة قبل الهجرة- أي كما سبق، فتوهّم عمر بن شبة أن المراد بالصحيفة كتاب القصة التي وقعت بالحديبية، وليست كذلك، بل بينهما نحو عشر سنين.

الثامن والعشرون: وقع في بعض طرق حديث البراء بعد أن ذكر امتناع علي- رضي الله عنه- من محو «هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله- صلى الله عليه وسلم» فأخذ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الكتاب وليس يحسن يكتب فكتب «هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله» إلى آخره، وسيأتي الكلام على ذلك في الخصائص إن شاء الله تعالى.

التاسع والعشرون: امتناع علي- رضي الله عنه- من محو لفظ «رسول الله صلى الله عليه وسلم» من باب الأدب المستحبّ، لأنّه لم يفهم من النبي- صلى الله عليه وسلم- تحتيم محو عليّ بنفسه، ولهذا لم ينكر عليه، ولو تحتّم محوه بنفسه لم يجز لعلىّ تركه، ولما أقرّه النبي- صلى الله عليه وسلم- على المخالفة. وفي قوله- صلّى الله عليه وسلم- «فإن لك مثلها- تعظيما- وأنت مضطهد» : أي مقهور، معجزة ظاهرة لما وقع لعلي- رضي الله عنه- في التحكيم كما سيأتي في ترجمته.

الثلاثون: قال الخطابي- رحمه الله- تعالى: تأوّل العلماء ما وقع في قصّة أبي جندل على وجهين.

أحدهما: أن الله- تعالى- قد أباح «التّقيّة» إذا خاف الهلاك، ورخصّ له أن يتكلم بالكفر مع إضمار الإيمان إن [كان] يمكنه التورية، فلم يكن ردّه إليهم إسلاما لأبي جندل إلى الهلاك مع وجود السّبيل إلى الخلاص من الموت بالتّقيّة.

والوجه الثاني: أنّه إنما ردّه إلى أبيه، والغالب أنّ أباه لا يبلغ به الهلاك، وإن عذّبه أو سجنه فله مندوحة بالتّقية أيضا، وأمّا ما يخاف عليه من الفتنة فإن ذلك امتحان من الله- تعالى- يبتلي به صبر عباده المؤمنين.

الحادي والثلاثون: اختلف العلماء رحمهم الله، هل يجوز الصلح مع المشركين على أن يرد إليهم من جاء مسلما من عندهم إلى بلاد المسلمين أم لا؟ فقيل: نعم، على ما دلت عليه قصّة أبي جندل وأبي بصير. وقيل: لا. وإن الذي وقع في القصّة: منسوخ، وإن ناسخه «أنا