للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والجواب أن غزوة نجد إذا أطلقت فالمراد بها غزوة ذات الرقاع، كما جاء ذلك في أحاديث كثيرة.

وكذلك عبد الله بن عمر، ذكر أنه- صلى مع رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- صلاة الخوف بنجد، وتقدم أن أول مشاهده الخندق، فتكون ذات الرقاع بعد الخندق.

وفي الصحيح عن جابر- رضي الله عنه- قال: صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف في غزوة السابعة، غزوة ذات الرقاع. قال الحافظ: قوله في غزوة السابعة، من إضافة الشيء إلى نفسه على رأي، أو فيه حذف تقديره: غزوة السفرة السابعة.

وقال الكرماني [ (١) ] وغيره: تقديره غزوة السنة السابعة، أي من الهجرة، وفي هذا التقدير نظر، إذ لو كان مرادا لكان هذا نصا في أن غزوة ذات الرقاع تأخرت بعد خيبر، نعم التنصيص بأنها سابع غزوة من غزوات النبي- صلى الله عليه وسلّم- تأييد لما ذهب إليه البخاري من أنّها كانت بعد خيبر، فإنه إذا كان المراد الغزوات التي خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- فيها بنفسه مطلقا، سواء قاتل أو لم يقاتل، فإن السابعة منها تقع قبل أحد، ولم يذهب أحد إلى أنّ ذات الرقاع قبل أحد إلّا ما سيأتي من تردد ابن عقبة، وفيه نظر، لأنهم متفقون على أن صلاة الخوف متأخرة عن غزوة الخندق، فتعيّن أن يكون ذات الرقاع بعد قريظة، فتعيّن أنّ المراد الغزوات التي وقع فيها القتال.

والأولى منها بدر، والثانية أحد، والثالثة الخندق، والرابعة قريظة، والخامسة المريسيع، والسادسة خيبر، فيلزم من هذا أن تكون ذات الرقاع بعد خيبر للتّنصيص على أنها السابعة، فالمراد تاريخ الوقعة لا عدد المغازي، وهذه العبارات أقرب مما وقع عند الإمام أحمد بلفظ كانت صلاة الخوف في السابعة، فإنه يصح أن يكون التقدير في الغزوة السابعة، كما يصح في غزوة السنة السابعة، قلت: لا مزيد على هذا التحقيق البليغ، فرحم الله الحافظ وجزاه خيرا.

وجزم أبو معشر: بأنها كانت بعد بني قريظة، وهو موافق لما ذهب إليه البخاري، قال في الزهر- وأبو معشر [ (٢) ] من المعتمدين في المغازي.

وقال ابن القيم بعد أن ذكر الخلاف في تاريخها: الصواب تحويل غزوة ذات الرقاع من


[ (١) ] محمد بن يوسف بن علي بن سعيد، شمس الدين الكرماني: عالم بالحديث، أصله من كرمان. اشتهر في بغداد، له «الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري- ط» قال ابن قاضي شهبة: فيه أوهام وتكرار كثير ولا سيما في ضبط أسماء الرواة. وله ايضا «ضمائر القرآن» و «النقود والردود في الأصول» مختصره، و «شرح لمختصر ابن الحاجب» سماه «السبعة السيارة» لأنه جمع فيه سبعة شروح. و «أنموذج الكشاف تعليق عليه. توفي ٧٨٦ هـ، الأعلام ٧/ ١٥٣.
[ (٢) ] نجيح بن عبد الرحمن السّندي بكسر المهملة وسكون النون الهاشمي مولاهم أبو معشر المدني. عن ابن المسيب. قال الذهبي: لم يلقه، ونافع. وعنه الليث والثوري وابن مهدي وطائفة. ضعفه القطان وابن معين وأبو داود والنسائي وابن عدي. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال أبو زرعة: صدوق وليس بقوي. توفي سنة سبعين ومائة. الخلاصة ٣/ ١٠٤.