هذا الموضع، يعني كونه ذكرها بعد غزوة بني النّضير، وقبل غزوة بدر الموعد إلى بعد الخندق، بل بعد خيبر.
قال: وإنما ذكرته ههنا تقليدا لأهل المغازي والسير، ثم تبيّن لنا وهمهم الثالث: قال ابن عقبة: لا ندري هل كانت ذات الرقاع قبل بدر أو بعدها، أو قبل أحد أو بعدها. قال الحافظ: وهذا التردّد لا حاصل له، بل الذي ينبغي الجزم به أنها بعد غزوة بني قريظة، لأن صلاة الخوف في غزوة الخندق لم تكن شرعت، وحديث وقوع صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع يدل على تأخرها بعد الخندق.
الرابع: قال أبو الفتح- رحمه الله تعالى- جعل البخاريّ حديث أبي موسى حجة في أن غزوة ذات الرقاع متأخرة عن خيبر، وليس في خبر أبي موسى ما يدل على شيء من ذلك. قال الحافظ- رحمه الله تعالى- وهذا النّفي مردود، والدّلالة من ذلك واضحة كما تقدم تقريره.
وقال الإمام علاء الدين الخازن- رحمه الله تعالى- وهذا الذي ذكره البخاري ظاهر الوضوح لأن سياق الأحاديث يدل على ما قاله.
الخامس: ادعى الحافظ الدمياطي غلط الحديث الصحيح، فإن جميع أهل السير على خلافه، والجواب أن الاعتماد على ما في الحديث أولى، لأن أصحاب المغازي مختلفون في زمانها، فعند ابن إسحاق، أنها بعد بني النّضير، وقبل الخندق في سنة أربع.
وعند ابن سعد، وابن حبّان: إنها كانت في المحرم سنة خمس وجزم أبو معشر بأنها كانت بعد بني قريظة والخندق، وجزم ابن عقبة بتقديمها، لكن تردّد في وقتها كما تقدم.
وأيضا فقد ازداد حديث أبي موسى قوة بحديث أبي هريرة، وبحديث ابن عمر كما تقدم تقريره.
السادس: قيل: إنّ الغزوة التي شهدها أبو موسى، وسمّيت ذات الرقاع غير غزوة ذات الرقاع التي وقعت فيها صلاة الخوف، لأن أبا موسى قال في روايته: أنهم كانوا ستة أنفس، والغزوة التي وقعت فيها صلاة الخوف. كان المسلمون فيها أضعاف ذلك، والجواب عن ذلك أن العدد الذي ذكره أبو موسى محمول على من كان مرافقا له من إلزامه، إلا أنّه أراد من كان مع النبي- صلى الله عليه وسلم.
السابع: وقع في الصحيح «باب غزوة ذات الرقاع» وهي غزوة محارب بن خصفة من بني ثعلبة بن غطفان. قال الحافظ- رحمه الله تعالى- وهو يقتضي أن ثعلبة جدّ لمحارب، وليس كذلك، ووقع عند القابسي: خصفة بن ثعلبة، وهو أشد في الوهم. والصواب ما وقع عند ابن إسحاق وغيره، وبني ثعلبة بواو العطف، فإن ثعلبة بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن