للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علانية والخيل يغشى متونها ... حميم وآن من دم الجوف ناقع

ويوم حنين حين سارت هوازن ... إلينا وضاقت بالنّفوس الأضالع

صبرنا مع الضّحّاك لا يستفزّنا ... قراع الأعادي منهم والوقائع

أمام رسول الله يخفق فوقنا ... لواء كخذروف السّحابة لامع

عشيّة ضحّاك بن سفيان معتص ... بسيف رسول الله والموت كانع

نذود أخانا عن أخينا ولو نرى ... مصالا لكنّا الأقربين نتابع

ولكنّ دين الله دين محمّد ... رضينا به فيه الهدى والشّرائع

أقام به بعد الضلالة أمرنا ... وليس لأمر حمّه الله دافع

«وقال عباس بن مرداس أيضا» :

ما بال عينك فيها عائر سهر ... مثل الحماطة أغضى فوقها الشّفر

عين تأوّبها من شجوها أرق ... فالماء يغمرها طورا وينحدر

كأنّه نظم درّ عند ناظمة ... تقطّع السّلك منه فهو منبتر

يا بعد منزل من ترجو مودّته ... ومن أتى دونه الصّمّان فالحفر

دع ما تقدم من عهد الشّباب فقد ... ولّى الشّباب وزار الشّيب والزّعر

واذكر بلاء سليم في مواطنها ... وفي سليم لأهل الفخر مفتخر

قوم همو نصروا الرّحمن واتّبعوا ... دين الرّسول وأمر النّاس مشتجر

لا يغرسون فسيل النّخل وسطهم ... ولا تحاور في مشتاهم البقر

إلّا سوابح كالعقبان مقربة ... في دارة حولها الأخطار والعكر

تدعى كفاف وعوف في جوانبها ... وحيّ ذكوان لا ميل ولا ضجر

الضّاربون جنود الشّرك ضاحية ... ببطن مكّة والأرواح تبتدر

حتّى رفعنا وقتلاهم كأنّهم ... نخل بظاهرة البطحاء منقعر

ونحن يوم حنين كان مشهدنا ... للدّين عزا وعند الله مدّخر

إذ ركب الموت مخضرا بطائنه ... والخيل ينجاب عنها ساطع كدر

تحت اللّواء مع الضّحّاك يقدمنا ... كما مشى اللّيث في غاباته الخدر

في مأذق من مجرّ الحرب كلكلها ... تكاد تأفل منه الشّمس والقمر

وقد صبرنا بأوطاس أسنّتنا ... لله تنصر من شئنا وننتصر

حتّى تأوّب أقوام منازلهم ... لولا المليك ولولا نحن ما صدروا

فما ترى معشرا قلّوا ولا كثروا ... إلّا قد أصبح منّا فيهم أثر