وقال عباس بن مرداس أيضا:
يا أيّها الرّحل الّذي تهوي به ... وجناء مجمرة المناسم عرمس
إمّا أتيت على النّبيّ فقل له ... حقا عليك إذا اطمأنّ المجلس
يا خير من ركب المطيّ ومن مشى ... فوق التّراب إذا تعدّ الأنفس
إنّا وفينا بالّذي عاهدتنا ... والخيل تقدع بالكماة وتضرس
إذ سال من أفناء بهثة كلّها ... جمع تظلّ به المخارم ترجس
حتّى صبحنا أهل مكّة فيلقا ... شهباء يقدمها الهمام الأشوس
من كلّ أغلب من سليم فوقه ... بيضاء محكمة الدّخال وقونس
يروي القناة إذا تجاسر في الوغى ... وتخاله أسدا إذا ما يعبس
يغشى الكتيبة معلما وبكفّه ... عضب يقدّ به ولدن مدعس
وعلى حنين قد وفى من جمعنا ... ألف أمدّ بها الرّسول عرندس
كانوا أمام المسلمين دريئة ... والشّمس يومئذ عليهم أشمس
نمضي ويحرسنا الإله بحفظه ... والله ليس بضائع من يحرس
ولقد حبسنا بالمناقب محبسا ... رضي الإله به فنعم المحبس
وغداة أوطاس شددنا شدّة ... كفت العدوّ وقيل منها: يا احبسوا
تدعو هوازن بالإخاوة بيننا ... ثدي تمدّ به هوازن أيبس
حتّى تركنا جمعهم وكأنّه ... عير تعاقبه السّباع مفرّس
وقال عباس بن مرداس أيضا:
نصرنا رسول الله من غضب له ... بألف كميّ لا تعدّ حواسره
حملنا له في عامل الرّمح راية ... يزود بها في حومة الموت ناصره
ونحن خضبناها دما فهو لونها ... غداة حنين يوم صفوان شاجره
وكنّا على الإسلام ميمنة له ... وكان لنا عقد اللّواء وشاهرة
وكنّا له دون الجنود بطانة ... يشاورنا في أمره ونشاوره
دعانا فسمّانا الشّعار مقدّما ... وكنّا له عونا على من يناكره
جزى الله خيراً من نبيّ محمّدا ... وأيّده بالنّصر والله ناصره
«وقال عباس بن مرداس أيضا» :
من مبلغ الأقوام أن محمدا ... رسول الإله راشد حيث يمّما
دعا ربّه واستنصر الله وحده ... فأصبح قد وفّى إليه وأنعما