قال: قلت: واللَّه ليسير ما طلبت. فأخذت برمّته فقدته بها حتى أوقفته عليهن. قال عصام: فدنا إلى امرأة منهن. وقال: [سفيان] فإذا امرأة كثيرة النّحض- يعني اللحم-. وقال ابن عباس: فإذا امرأة طويلة أدماء فقال: اسلمي حبيش على نفد من العيش
أريتك إذ طالبتكم فوجدتكم ... بحلية أو ألفيتكم بالخوانق
ألم يك أهلا أن ينوّل عاشق ... تكلّف إدلاج السّرى والودائق
فلا ذنب لي قد قلت إذ أهلنا معا ... أثيبي بودّ قبل إحدى الصّفائق
أثيبي بودّ أن يشحط النّوى ... وينأى لأمر بالحبيب المفارق
زاد ابن إسحاق، ومحمد بن عمر رحمها اللَّه تعالى:
فإنّي لا ضيّعت سرّ أمانة ... ولا راق عيني عنك بعدك رائق
سوى أنّ ما نال العشيرة شاغل ... عن الود إلا أن يكون التّوامق
قال ابن هشام: وأكثر أهل العلم بالشعر ينكر البيتين الأخيرين منها له. انتهى. ولفظ حديث ابن عباس: أما كان حقا أن ينوّل عاشق، أو أدركتكم بالخوانق. فقالت: نعم وأنت فحيّت سبعا وعشرا وترا وثمانيا تترى. قال ابن أبي حدرد: ثم انصرفت به فضربت عنقه. وقال عصام: فقرّبناه فضربنا عنقه، فقامت المرأة إليه حين ضربت عنقه فأكبّت عليه فما زالت تقبّله حتى ماتت عليه.
وقال ابن عباس: فشهقت شهقة أو شهقتين ثم ماتت، فلما قدموا على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أخبره الخبر فقال: «أما كان فيكم رجل رحيم» [ (١) ] .
ذكر رجوع خالد بن الوليد إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وإنكار عبد الرحمن بن عوف على خالد بن الوليد رضي اللَّه عنهما.
روى محمد بن عمر، وأبو النيسابوري في الشرف، والحاكم في الإكليل، وابن عساكر عن سلمة بن الأكوع رضي اللَّه عنه قال: قدم خالد بن الوليد على النبي صلى اللَّه عليه وسلم بعد ما صنع ببني جذيمة ما صنع وقد عاب عبد الرحمن بن عوف على خالد ما صنع. قال: يا خالد، أخذت بأمر الجاهلية في الإسلام، قتلتهم بعمك الفاكه. وأعانه عمر بن الخطاب على خالد، فقال خالد:
أخذتهم بقتل أبيك، وفي لفظ: فقال: إنما ثأرت بأبيك. فقال عبد الرحمن: كذبت واللَّه لقد قتلت قاتل أبي، وأشهدت على قتله عثمان بن عفان. ثم التفت إلى عثمان فقال: أنشدك اللَّه هل علمت أني قتلت قاتل أبي؟ فقال عثمان: اللهم نعم. ثم قال عبد الرحمن: ويحك يا خالد ولو لم أقتل قاتل أبي أكنت تقتل قوما مسلمين بأبي في الجاهلية؟ قال خالد: ومن أخبرك أنهم
[ (١) ] أخرجه البيهقي في الدلائل ٥/ ١١٨ والطبراني في الكبير ١١/ ٣٧٠.