فلا ترانا إلى حيّ نفاخرهم ... إلّا استفادوا فكانوا الرّأس يقتطع
فمن يفاخرنا في ذاك نعرفه ... فيرجع القوم والأخبار تستمع
إنّا أبينا ولا يأبى لنا أحد ... إنّا كذلك عند الفخر نرتفع
قال ابن هشام: ويروى: «منّا الملوك وفينا تقسم الرّبع» . ويروى: «من كل أرض هوانا ثم متّبع» . رواه لي بعض بني تميم [وأكثر أهل العلم بالشعر ينكرها للزبرقان] .
قال ابن إسحاق: وكان حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه غائبا فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال حسّان: جاءني رسوله فأخبرني أنه إنما دعاني لأجيب شاعر بني تميم فخرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أقول:
منعنا رسول الله إذ حلّ وسطنا ... على أنف راض من معدّ وراغم
منعناه لمّا حلّ بين بيوتنا ... بأسيافنا من كلّ باغ وظالم
ببيت حريد عزّه وثراؤه ... بجابية الجولان وسط الأعاجم
هل المجد إلّا السّؤدد العود والنّدى ... وجاه الملوك واحتمال العظائم
فلما فرغ الزبرقان
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسّان بن ثابت: «قم يا حسّان فأجب الرجل»
فقام حسّان فقال:
إنّ الذّوائب من فهر وإخوتهم ... قد بيّنوا سنّة للنّاس تتّبع
يرضى بهم كلّ من كانت سريرته ... تقوى الإله وكلّ الخير يصطنع
قوم إذا حاربوا ضرّوا عدوهم ... أو حاولوا النّفع في أشياعهم نفعوا
سجيّة تلك منهم غير محدثة ... إنّ الخلائق فاعلم شرّها البدع
إن كان في النّاس سبّاقون بعدهم ... فكلّ سبق لأدنى سبقهم تبع
لا يرقع النّاس ما أوهت أكفّهم ... عند الدّفاع ولا يوهون ما رقعوا
إن سابقوا النّاس يوما فاز سبقهم ... أو وازنوا أهل مجد بالنّدى متعوا
أعفّة ذكرت في الوحي عفّتهم ... لا يطمعون ولا يرديهم طمع
لا يبخلون على جار بفضلهم ... ولا يمسّهم من مطمع طبع
إذا نصبنا لحىّ لم ندبّ لهم ... كما يدبّ إلى الوحشيّة الذّرع
نسمو إذا الحرب نالتنا مخالبها ... إذا الزّعانف من أظفارها خشعوا
لا يفرخرون إذا نالوا عدوّهم ... وإن أصيبوا فلا خور ولا هلع
كأنّهم في الوغى والموت مكتنع ... أسد بحلية في أرساغها فدع
خذ منهم ما أتى عفوا إذا غضبوا ... ولا يكن همّك الأمر الّذي منعوا