فإنّ في حربهم فأترك عداوتهم ... شرّا يخاض عليه السّمّ والسّلع
أكرم بقوم رسول الله شيعتهم ... إذا تفاوتت الأهواء والشّيع
أهدى لهم مدحتي قلب يوازره ... فيما أحبّ لسان حائك صنع
فإنّهم أفضل الأحياء كلّهم ... إن جدّ بالنّاس جدّ القول أو شمعوا
قال ابن هشام: وأنشدني أبو زيد:
يرضي بها كلّ من كانت سريرته ... تقوى الإله وبالأمر الّذي شرعوا
قال ابن هشام: حدثني بعض أهل العلم بالشعر من بني تميم أن الزبرقان بن بدر لما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد بني تميم قال:
أتيناك كيما يعلم النّاس فضلنا ... إذا اختلفوا عند احتضار المواسم
بأنّا فروع النّاس في كلّ موطن ... وأن ليس في أرض الحجاز كدارم
وإنّا نذود المعلمين إذا انتخوا ... ونضرب رأس الأصيد المتفاقم
فإنّ لنا المرباع في كلّ غارة ... نغير بنجد أو بأرض الأعاجم
فقام حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه فأجابه فقال:
هل المجد إلّا السّؤدد العود والنّدى ... وجاه ملوك واحتمال العظائم
نصرنا وآوينا النّبيّ محمّدا ... على أنف راض من معدّ وراغم
بحيّ حريد أصله وثراؤه ... بجابية الجولان وسط الأعاجم
نصرناه لمّا حلّ وسط ديارنا ... بأسيافنا من كلّ باغ وظالم
جعلنا بنينا دونه وبناتنا ... وطبنا له نفسا بفيء المغانم
ونحن ضربنا النّاس حتّى تتابعوا ... على دينه بالمرهفات الصّوادم
ونحن ولدنا من قريش عظيمها ... ولدنا نبيّ الخير من آل هاشمٍ
بني دارم لا تفخروا إنّ فخركم ... يعود وبالا عند ذكر المكارم
هبلتم علينا تفخرون وأنتم ... لنا خول من بين ظئر وخادم
فإن كنتم جئتم لحقن دمائكم ... وأموالكم أن تقسموا في المقاسم
فلا تجعلوا لله ندّا وأسلموا ... ولا تلبسوا زيّا كزيّ الأعاجم
قال ابن إسحاق: فلما فرغ حسان بن ثابت من قوله قال الأقرع بن حابس: «وأبي إن هذا الرجل لمؤتّى له، لخطيبه أخطب من خطيبنا ولشاعره أشعر من شاعرنا ولأصواتهم أعلى من أصواتنا» .
فلما فرغ القوم أسلموا وجوّزهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسن جوائزهم. وكان عمرو بن