للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى الحسن بن الضحاك عن أبي محمد عبد الله بن قتيبة قال: أخبرنا محمد بن عائشة منقطعا قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب بلالا، ويمازحه، فرآه يوما وقد خرج بطنه، فقال:

«أمّ حسّ» .

وروى أبو سعيد بن الأعرابي، وأبو الحسن بن الضحاك، عن علي رضي الله تعالى عنه قال: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: «أين لكع؟ ههنا لكع؟» قال: فخرج إليه الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما، وعليه لحاف قرنفلي، وهو مادّ يده، فمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يده والتزمه، وقال: بأبي أنت وأمي، من أحبني فليحب هذا.

وروى الزبير بن بكّار في كتاب الفاكه، عن عطاء بن أبي رباح رضي الله تعالى عنه أن رجلا قال لابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يمزح؟ فقال ابن عباس:

نعم، فقال الرجل: فما كان مزاحه؟

فقال ابن عباس: إنه كسا ذات يوم امرأة من نسائه ثوبا، فقال لها: «البسيه واحمدي الله وجدي منه ذيلا كذيل الفرس» .

وروى فيه أيضاً عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها مزحت عند رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقالت: أمها يا رسول الله بعض دعابات هذا الحي من بني كنانة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «بل بعض مزحنا هذا الحي من قريش» .

وروى ابن إسحاق عن جابر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له في غزوة ذات الرّقاع: «أتبيعني جملك؟» قال: قلت يا رسول الله، بل أهبه لك، قال: «لا، ولكن بعنيه» ، قلت: فسمنيه، قال: «قد أخذته بدرهم» ، قلت: لا، إذن تغبنني يا رسول الله، قال:

«فبدرهمين» ، قلت: لا، فلم يزل يرفع لي رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى بلغ الأوقية، فقال: «أفقد رضيت؟» فقلت: رضيت، قال: «نعم» ، قلت هو لك، قال «قد أخذته» .

وفي رواية فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمني ويمازحني، ثم قال: «يا جابر، هل تزوجت بعد؟» قلت: نعم يا رسول الله، قال: «أثيبا أم بكرا؟» قلت: بل ثيبا، قال: «أفلا جارية تلاعبك وتلاعبها» ، قلت: يا رسول الله إن أبي أصيب يوم أحد وترك بنات له سبعا، فنكحت امرأة تجمع رؤوسهن، وتقوم عليهن، قال: أصبت إن شاء الله، أما إنّا لو قد جئنا صرارا أمرنا بجزور فنحرت، وأقمنا عليها يومنا ذلك، وسمعت بنا امرأتك فنفضت نمارقها، قلت: يا رسول الله ما لنا نمارق، قال: «إنها ستكون، فإذا أنت قدمت فاعمل عملا كيّسا» ، قال: فلما جئنا صرارا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم بجزور فنحرت، وأقمنا عليها يومنا ذلك، فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل، ودخلنا، فحدثت المرأة الحديث، وما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: فدونك سمعا وطاعة [ (١) ] .


[ (١) ] انظر السيرة لابن هشام ٢/ ٢٠٦.