للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يديه، ونقله ابن الحاج في المدخل، وهذا يدل على أن عمل التابعين على إرسال العذبة من بين أيديهم.

قال أبو عبد الله بن الحاج في المدخل: والعجب من قول بعض المتأخرين إن إرسال الذّؤابة بين اليدين بدعة، مع وجود هذه النصوص الصحيحة الصريحة من الأئمة المتقدمين عن السلف، فيكون هو قد أصاب السنة، وهم قد أخطئوها وابتدعوا، وتوقف بعض الحفّاظ في جعلها من قدّام لكونها من سنّة أهل الكتاب، وهدينا مخالف لهديهم وقولهم: بين يديه، ومن خلفه: يحتمل أن يكون بالنظر لطرفيها حيث يجعل أحدهما خلفه والآخر بين يديه ويحتمل أنه إرسال الطرف الواحد بين يديه، ثم ردّه من خلفه بحيث يكون الطرف الواحد بعضه بين يديه، وبعضه خلفه، كما يفعله كثيرون، ويحتمل أن يكون فعل كل واحد منهما في مرّة، وقد تكون العذبة من طرف العمامة، أو من غيرها، ويغرزها فيها، فقد نقل الحافظ أبو الخير السخاوي رحمه الله تعالى في فتاويه أن بعضهم نسب إلى عائشة رضي الله تعالى عنها قالت:

كانت العذبة في السفر من غير العمامة وفي الحضر منها، قال السخاوي: وهذا شيء ما علمناه.

الثاني: إرسالها من الجانب الأيمن.

روى الطبراني بسند ضعيف عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم لا يولّي واليا حتى يعمّمه بعمامة، ويرخي لها عذبة من الجانب الأيمن نحو الأذن.

الثالث: إرسالها من الجانب الأيسر، وعليه عمل كثير من السادات الصوفية، لما قام عندهم في ذلك.

روى الطبراني بسند حسن، والضياء المقدسيّ رحمه الله تعالى في صحيحه عن عبد الله بن بسر رضي الله تعالى عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلّم عليا رضي الله تعالى عنه إلى خيبر فعمّمه بعمامة سوداء، ثم أرسلها من ورائه، أو قال: على كتفه اليسرى، لكن روايه تردّد وما جزم بالثاني.

وسئل الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في مسند الصوفية في إرخاء العذبة على الشّمال فقال: لا يلزمهم بيانه، لأن هذا من جملة الأمور المباحة، فمن اصطلح على شيء منها لم يمنع منه، ولا سيّما إذا كان شعارا لهم انتهى.

الرابع: إرسالها خلف ظهره بين كتفيه، وهو الأكثر الأشهر الصحيح على تقدير صحته