بأنه لم يرخ العذبة بين الكتفين، بل يقدّمها إلى جهة الكتف اليمنى أو اليسرى، وقولهم: بين كتفيه: المراد به إرسالها من خلف لا من قدام، ويستحب إرخاء العذبة للصلاة، ويكره تركها.
وندر تركه سدل العذبة في العمامة حال الصلاة.
التنبيه الخامس: اختلف في قدر العذبة على أنواع:
الأول: قدر أربع أصابع أو نحوها، وهو أكثر ما ورد في ذلك وأمثل إسنادا.
روى الطبراني في الأوسط بسند حسن عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أمّر عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه على سريّة فأصبح عبد الرحمن وقد اعتم بعمامة من كراديس سوداء.
الثاني: إلى موضع الجلوس حكاه شرّاح الكنز.
الثالث: إلى الكعبين.
روى أبو موسى المدني عن خطّاب الحمصيّ قال: حدثنا بقيّة بن الوليد عن مسلم بن زياد القرشي رضي الله تعالى عنه قال: رأيت أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم: أبهر بن مالك، وأبا المنبعث، وفضالة بن عبيد، وروح بن سيّار أو سيّار بن روح رضي الله تعالى عنهم يلبسون العمائم ويرخونها من خلفهم، وثيابهم إلى الكعبين، قلت: تحرّر هل المراد الثياب إلى الكعبين أو العذبة؟.
السادس: قال الحافظ الذهبي في أحاديث اعتمامه بعمامة صفراء: لعل ذلك قبل أن ينهي عنه، وسيأتي بيان هذا في نوع ما لبس من الألوان.
السابع: فيما قيل من إدخال طرفها في العمامة.
روى أبو موسى المدني رحمه الله تعالى عن الحسن بن صالح عن أبيه قال: رأيت على الشّعبي عمامة بيضاء قد أدخل طرفها فيها.
قال الشيخ إبراهيم القدري رحمه الله تعالى: لم أقف على نقل في إدخال العذبة في العمامة، ولا نقل عن أحد من السلف إلا ما نقلوا عن الشعبي.
قال أبو عبيدة في الأمر بالتلحي والنهي عن الاقتعاط- أصل هذا في لبس العمائم، وذلك أن العمامة يقال لها: المقطّة فإذا لبسها المعتم على رأسه، ولم يجعلها تحت الحنك قيل اقتعطها، فهو المنهي عنه، فإذا أدارها تحت الحنك قيل: تلحاها، وهو المأمور بها، وكان طاوس رحمه الله تعالى يقول تلك عمّة الشيطان يعني الأولى.
التاسع: التلحي سنة فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسلف الصالح.
قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: أدركت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين محنّكا أحدهم لو ائتمن على بيت مال لكان به أمينا، وفي لفظ لو استسقى بهم القطر لسقوا.