للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو عبد الله بن الحاج أحد أئمة المالكية بعد أن نقل كلام أئمة اللغة رحمهم الله تعالى في معنى الاقتعاط: قال القاضي أبو الوليد بن رشد رحمه الله تعالى: سئل مالك رضي الله تعالى عنه عن المعتم، ولا يدخل تحت ذقنه من العمامة شيئا، فكره ذلك، قال القاضي أبو الوليد: إنما كره ذلك مالك لمخالفته فعل السلف الصالح.

وقال الإمام أبو بكر الطّرطوشي [ (١) ] رحمه الله تعالى: اقتعاط العمائم هو التعميم دون حنك، وهو بدعة منكرة، وقد شاعت في بلاد الإسلام، ونظر مجاهد رضي الله تعالى عنه يوما إلى رجل معتم ولم يحتنك، فقال: اقتعاط كاقتعاط الشيطان تلك عمة الشيطان، وعمائم قوم لوط. قال عبد الملك بن حبيب في كتابه الواضحة: ولا بأس أن يصلي الرجل في داره وبيته بالعمامة دون التلحي، فأما بين الجماعات والمساجد فلا ينبغي ترك الالتحاد، فإن تركه من بقايا عمائم قوم لوط عليه السلام قال بعضهم: وقد شدد العلماء في الكراهة في ترك التحنيك، قال صاحب الجواهر وفي المختصر: روى ابن وهب عن مالك رحمه الله تعالى أنه سئل عن العمامة يعتم بها الرجل، ولا يجعلها تحت حلقه، فأنكرها، وقال: إنها من عمل القبط، قيل له:

فإن صلّى بها كذلك؟ قال: لا بأس، وليست من عمل الناس، وقال أشهب رحمه الله تعالى:

كان مالك رضي الله تعالى عنه إذا اعتم جعل منها تحت ذقنه، وأسدل طرفها بين كتفيه، وقال القاضي عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتابه المدوّنة: من المكروه ما يخالف زي العرب، وأشبه زيّ العجم، كالتعجم بغير حنك، قال: وقد روي أنها عمّة الشيطان.

وقال الحافظ عبد الحق الإشبيلي رحمه الله تعالى: وسنة العمامة بعد فعلها أن يرخي طرفها، ويتحنك به، فإن كان بغير طرف ولا تحنيك، فذلك يكره عند العلماء، والأولى أن يدخلها تحت حنكه، فإنها تقي العنق الحر والبرد، وهو أثبت لها عند ركوب الخيل والإبل والكرّ والفرّ، وقد أطنب ابن الحاج في المدخل في استحباب التحنك، ثم قال: وإذا كانت العمامة من باب المباح فلا بد فيها من فعل سنن تتعلق بها، من تناولها باليمين، والتسمية، والذكر الوارد إن كانت مما يلبس جديدا، أو امتثال السنة في صفة التعميم، من فعل التحنيك، والعذبة، وتصغير العمامة يعني سبعة أذرع أو نحوها، يخرجون منها التحنيك، والعذبة، فإن زاد من العمامة قليلا لأجل حر أو برد، فيتسامح فيه، ثم قال: فعليك أن تتعمم قائما وتتسرول قاعدا.


[ (١) ] محمد بن الوليد بن محمد بن خلف القرشي الفهري الأندلسي، أبو بكر الطرطوشي، ويقال له ابن أبي رندقة: أديب، من فقهاء المالكية، الحفاظ من أهل طرطوشة من كتبه «سراج الملوك» و «التعليقة» وفي الخلافيات، وغير ذلك توفي ٥٢٠ هجرة الأعلام ٧/ ١٣٣، ١٣٤.