للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نبيّ ومكانه غير قبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ومكان قبر إبراهيم أبيه صلى الله عليهما وسلّم.

وكان أول من اختتن. روى ابن أبي شيبة وابن سعد وابن حبان والحاكم بسند صحيح من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال: اختتن إبراهيم وهو ابن عشرين ومائة سنة بالقدوم وعاش بعد ذلك ثمانين سنة.

قال سعيد- رحمه الله تعالى-: وكان إبراهيم أول من اختتن وأول من رأى الشّيب فقال:

يا رب ما هذا؟ فقال: وقار يا إبراهيم. قال: رب زدني وقاراً. وأول من أضاف الضيف، وأول من جزّ شاربه، وأول من قص أظافيره، وأول من استحدّ.

ورواه ابن عدي والبيهقي مرفوعاً.

وروى أبو يعلى وأبو الشيخ في العقيقة من طريق موسى بن علي بن رباح عن أبيه إن إبراهيم صلى الله عليه وسلم أمر أن يختتن وهو حينئذ ابن ثمانين سنة فعجل واختتن بالقدوم فاشتد عليه الوجع فدعا ربّه فأوصى الله إليه: إنك عجلت قبل أن نأمرك بآلته فقال يا ربي كرهت أن أؤخر أمرك.

عليّ بالتصغير. ورباح بالموحدة.

وروى الشيخان عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم»

[ (١) ] .

قال الحافظ: القدوم رويناه بالتشديد عن الأصيلي والفاسي- رحمهما الله تعالى- ووقع في رواية غيرهما بالتخفيف. قال النووي: لم يختلف الرواة عند مسلم في التخفيف. واختلف في المراد به فقيل: اسم مكان. وقيل: اسم آلة النجّار، فعلى الثاني هو بالتخفيف لا غير، وعلى الأول ففيه لغتان. هذا قول الأكثر. وعكسه الداودي. ثم اختلف فقيل: هي قرية بالشام. وقيل بلدة بالسّراة. والراجح أن المراد في الحديث الآلة. ثم ذكر أثر عليّ بن رباح.

والذي في الصحيح عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه-: أنه اختتن وهو ابن ثمانين سنة قال الحافظ: وعند ابن حبان عنه مرفوعاً أن إبراهيم اختتن وهو أبن مائة وعشرين سنة والظاهر أنه سقط من هذه الرواية شيء فإن هذا القدر مقدار عمره. قلت: ورواه الحاكم وصححه على شرطهما وأقرّه عنه الذهبي مرفوعاً بلفظ: بعد مائة وعشرين سنة. ووقع في كتاب العقيقة لأبي الشيخ من طريق الأوزاعيّ عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة موصولاً مرفوعاً مثله. وزاد: وعاش بعد ذلك ثمانين سنة. فعلى هذا يكون عاش مائتي سنة. وجمع بعضهم بأن الأول حسب من مبدأ نبوّته والثاني من مبدأ مولده.


[ (١) ] أخرجه البخاري ٤/ ٢٧٩ كتاب الأنبياء (٣٣٥٥) ومسلم ٤/ ١٨٢٩ كتاب الفضائل (١٥١- ٢٣٧٠) .