شيعيّا علويا ينتهي نسبه إلى علي بن أبي طالب، فحاربه السلطان سليم واستوى على مدينة تبريز قاعدة ملكه، وانتزع منه العراق وما إليه من البلاد، ثم توجه بعد هذا إلى قتال المماليك بمصر، فحاربهم حتى أسقط دولتهم سنة ٩٢٣ هـ ١٥١٧ م، وانتزع لنفسه الخلافة الصورية من آخر خلفاء بني العباس بمصر، وبهذا صار ملوك الدولة العثمانية التركية خلفاء المسلمين بعد أن كانوا ملوكا على دولتهم فقط، وفاتهم أن الخلافة الإسلامية لا تنعقد بهذا الشكل، وإنما تنعقد بالشورى ومبايعة المسلمين باختيارهم، ثم توفي السلطان سليم سنة ٩٢٦ هـ ١٥٢٠ م، فخلفه ابنه السلطان سليمان الأول القانوني، وفي عهده وصلت هذه الدولة إلى نهاية عظمتها، فاستولت على بلاد الصرب والمجر، ووصلت فتوحاتها إلى فينّا قاعدة النمسا، واستولت على الجزائر وغيرها من بلاد المغرب وقد انتهت باستيلائها على تلمسان دولة بني زيان سنة ٩٥٢ هـ ١٥٤٥ م، واستولت على اليمن وغيره من بلاد العرب، وكان لهذا السلطان إصلاحات دينية ومدنية عديدة، ثم توفي سنة ٩٧٤ ١٥٦٦ م، فخلفه ابنه سليم الثاني، وكان ضعيفا لا يتحلى بالصفات التي تمكنه من إدارة هذه المملكة الواسعة، ولكنه كان له وزير عظيم هو محمد باشا الصقلي، فاعتمد عليه في تدبير أمور هذه الدولة، وإليه يرجع الفضل في المحافظة عليها في عهده، وقد تم في عهده الاستيلاء على مدينة تونس من بلاد المغرب، فانتهت بهذا الدولة الحفصية سنة ٩٨١ هـ ١٥٧٣ م، وتوثقت العلاقة في عهد هذا السلطان بين فرنسا والدولة العثمانية التركية، حتى أباح لفرنسا أن ترسل بعوثا دينية إلى البلاد الإسلامية، فأرسلت إليها كثيرا من هذه البعوث، مع أنها كانت تقصد تربية الطوائف المسيحية الموجودة بين المسلمين على الإخلاص لها، وسيكون لهذا من العواقب السيئة ما سيأتي بيانه في القرون الآتية، ثم توفي هذا السلطان سنة ٩٨٢ هـ ١٥٧٤، فخلفه ابنه مراد الثالث، وابتدأ حكمه بعادتهم السيئة، فقتل إخوته لئلا ينازعوه في الملك، ثم أعلن تحريم شرب الخمر، وكان قد شاع في عهد أبيه، وأفرط فيه الانكشارية، فثاروا عليه واضطروه إلى إباحته بالمقدار الذي لا يسكر، وفي عهده كانت علاقة الدولة حسنة مع فرنسا والبندقية وانجلترا، وقد حصلت هذه الدول على كثير من الامتيازات التجارية في بلاد الدولة سبب هذه العلاقة وسيكون لهذه الامتيازات أثرها السيّئ في القرون الآتية، وقد وقعت في عهد هذا السلطان حروب كثيرة بينه وبين الدولة الصفوية، فازدادت بها العلاقة سوءا بينهما، وكانت أولى بحسن العلاقة من الدول الأوروبية السابقة، وفي عهده أعلنت الفلاخ والبغدان وترنسلفانيا العصيان على الدولة، وأمكنها بمساعدة ملك النمسا وألمانيا الاستيلاء على مدن كثيرة من هذه البلاد، وكانت وفاة هذا السلطان سنة ١٠٠٣ هـ ١٥٩٤ م.
وكان للمسلمين في هذا القرن دولتان شرقيتان غير الدولة العثمانية التركية: أولاهما: