للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه، ثم رأيت نوراً كأنه شهاب خرج مني حين وضعته أضاءت لي أعناق الإبل ببصرى، ثم وضعته فما وقع كما تقع الصبيان، وقع واضعاً يديه بالأرض رافعاً رأسه إلى السماء.

وروى ابن سعد وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن آمنة قالت: لما فصل منّي ابني محمد صلى الله عليه وسلم خرج منه نورٌ أضاء له ما بين المشرق والمغرب.

وروى ابن أبي حاتم عن عكرمة. رحمه الله تعالى قال: لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرقت الأرض نوراً.

وروى الإمام أحمد وابن سعد بسند حسن عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قلت: يا رسول الله ما كان بدء أمرك؟ قال: «دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى بن مريم، ورأت أمي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام» .

وروى ابن سعد عن محمد بن عمر الأسلمي بأسانيد له متعددة عن آمنة أنها قالت: لما وضعته خرج معه نور أضاء له ما بين المشرق والمغرب، ثم وقع جاثياً على ركبتيه معتمداً على الأرض بيديه، ثم أخذ قبضة من تراب وقبضها ورفع رأسه إلى السماء، وأضاءت له قصور الشام وأسواقها، حتى رأيت أعناق الإبل ببصرى.

وإنما أضاءت قصور بصرى بالنور الذي خرج منه إشارة إلى ما خصّ الشام من نبوته صلى الله عليه وسلم، فإنها دار مجده وملكه كما ذكره كعب أن في الكتب السابقة: محمد رسول الله مولده بمكة ومهاجره بيثرب وملكه بالشام.

وقد وردت أحاديث في فضل الشام، ذكر بعضها الحافظ المنذريّ في كتاب «الترغيب والترهيب» .

وقال بعضهم: أضاءت قصور بصرى إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم. ينوّر البصائر ويحيي القلوب الميتة.

وفي خروج هذا النور معه صلّى الله عليه وسلم حين وضعته إشارة إلى ما يجيء به من النور الذي اهتدى به أهل الأرض وزال به ظلمة الشرك منها. كما قال الله تعالى: قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. قال الإمام أبو شامة رحمه الله تعالى: وقد كان هذا النور الذي ظهر وقت ولادته صلى الله عليه وسلم قد اشتهر في قريش وكثر ذكره فيهم، وإلى ذلك أشار عمه العباس رضي الله تعالى عنه في أبياته السابقة حيث قال في حقه صلى الله عليه وسلم وزاده شرفا وفضلا:

وأنت لما ولدت أشرقت الأر ... ض وضاءت بنورك الأفق

فنحن في ذلك الضّياء وفي النّو ... ر وسبل الرشاد نخترق

ويرحم الله تعالى القائل: