القيامة،
وقيل له: لم ترفع قميصك؟ قال: لأنّه يخشع القلب ويقتدي به المؤمن، ويبعد من الكبر، وأتي بفالوذج فوضع بين يديه، فقال: إنّك طيّب الريح، حسن اللون طيّب الطعام، ولكن أكره أن أعوّد نفسي ما لم تتعوّد وكان بالخورنق يرعد تحت قطيفة، فقيل له: إن الله قد جعل لك، ولأهل بيتك في هذا المال حظّا وأنت تصنع بنفسك ما تصنع، فقال: والله، ما أرزاكم من مالكم شيئا إنها لقطيفتي التي خرجت بها من المدينة.
ورئي وهو يبيع سيفا له في السّوق، ويقول: من يشتري هذا السّيف، فوالذي خلق الحبّة وبرأ النّسمة لطالما كشفت به الكرب عن وجه رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- لو كان عندي ثمن إزار ما بعته قطّ، وأنشد يقول:
وقد تجوح الحاجات يا أم مالك ... كرائم من ربّ يهين صنين
ومن كلامه في المناجاة: كفاني عزّا أن تكون لي ربّا، وكفاني فخرا أن أكون لك عبدا، أنت لي كما أحبّ فوفّقني إلى ما تحب،
وفي العلم: المرء مخبوء تحت لسانه، تكلموا تعرفوا، ما ضاع امرؤ عرف قدره،
وفي الإرب: أنعم على من شئت تكن أميره، واستغن عن من شئت تكن نظيره، واحتج إلى من شئت تكن أسيره،
وقال: من وسّع عليه في دنياه، فلم يعلم أنّه مكر به فهو مخدوع عن غفلة، وقال: الدنيا جيفة فمن أراد شيئا منها، فليصبر على مخالطة الكلاب،
ومما يروى من شعره:
حقيق بالتّواضع من يموت ... ويكفي المرء من دنياه قوت
فما للمرء يصبح ذا هموم ... وحرص ليس يدركه النّعوت
صنيع مليكنا حسن جميل ... وما أرزاقه عنّا تفوت
وقال
محمّد النّبيّ أخي وصهري ... وحمزة سيّد الشّهداء عمّي
وجعفرنا الّذي يمسي ويضحي ... يطير مع الملائكة ابن أمّي
وبنت محمّد سكني وعرسي ... توسّط لحمها بدمي ولحمي
وسبطا أحمد ولديّ منها ... فأيّكم له قسم كقسمي
سبقتكم إلى الإسلام طرّا ... صغيرا ما بلغت أو ان حكمي
وأوجب لي الولاء معا عليكم ... رسول الله يوم (غدير خمّ)
قال أبو عمر الزّاهد سمعت عليا يقول: اجتمعت رواة الشّعر من الكوفيين والبصريين فلم يزيدوا على عشرة أبيات صحيحة لأمير المؤمنين، وأجمعوا على أن ما كان زائدا على العشرة فهو منحول ومن الصحيح قوله: