وروى الشيخان عن أنس رضي الله تعالى عنه أنه- عليه الصلاة والسلام- قال في الأنصار «اعفوا من مسيئهم، واقبلوا من محسنهم» وللبخاري «أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين والأنصار أن يقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم» .
وروى أبو نعيم والدّيلمي عن عياض الأنصاري، وابن منيع عن أنس- رضي الله تعالى عنه- أنه- عليه الصلاة والسلام- قال: «احفظوني في أصحابي وأصحاري، فإنّه من حفظني فيهم حفظه الله في الدنيا والآخرة، ومن لم يحفظني فيهم تخلى الله عنه، - أي: أعرض عنه- (وترك في غيّه) يتردد ومن تخلى الله عنه يوشك أن يأخذه» .
وروى سعيد بن منصور عن عطاء بن أبي رباح مرسلا، أنه- عليه الصلاة والسلام- قال:«من حفظني فيهم كنت له حافظا يوم القيامة [وقال: ومن حفظني في أصحابي ورد علي الحوض] ومن لم يحفظني فيهم لم يرد علي الحوض، ولم يرني يوم القيامة إلا من بعيد» .
وقال رجل للمعافى بن عمران: أين عمر بن عبد العزيز من معاوية فغضب وقال: لا يقاس على أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- أحد، أي: لحديث الشيخين «خير أمّتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» معاوية صاحبه وصهره وكاتبه وأمينه على وحي الله تعالى.
قال مالك- رحمه الله تعالى- وغيره: من أبغض الصحابة وسبّهم فليس له في المسلمين شيء، ونزع من الإيمان بقوله تعالى وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا. رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ [الحشر ١٠] .
وقال: من غاظ أصحاب محمد فهو كافر، قال الله تعالى: لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ.
وقال عبد الله بن المبارك: خصلتان من كانتا فيه نجا، [الصدق وحب أصحاب محمّد] وقال أيّوب السّختياني: من أحبّ أبا بكر فقد أقام الدين، ومن أحبّ عمر فقد أوضح السبيل، ومن أحبّ عثمان فقد استضاء بنور الله، ومن أحب عليا فقد أخذ بالعروة الوثقى ومن أحسن الثناء على أصحاب محمد فقد برئ من النفاق، ومن انتقص أحدا منهم فهو مبتدع مخالف للسّنة والسلف الصالح، وأخاف أن لا يصعد له عمل إلى السماء حتى يحبهم جميعا ويكون قلبه سليما.