[الأعراف ٢٢] ، وتصريحه تعالى عليه بالمعصية بقوله تعالى: وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى [طه ١٢١] ، أي جهل.
وقيل: أخطأ، فإن الله تعالى قد أخبر بعذره بقوله: وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً [طه ١١٥] ، قال ابن زيد: نسي عداوة إبليس له، وما عهد الله إليه من ذلك بقوله: إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ ... [طه ١١٧] الآية.
وقيل: نسي ذلك بما أظهر لهما.
وقال ابن عباس: إنما سمّي الإنسان إنسانا لأنه عهد إليه فنسي.
وقيل: لم يقصد المخالفة استحلالا لها، ولكنهما اغترّا بحلف إبليس لهما: إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ [الأعراف ٢١] ، وتوهّما أن أحداً لا يحلف بالله حانثا.
وقد روي عذر آدم بمثل هذا في بعض الآثار.
وقال ابن جبير: حلف بالله لهما حتى غرّهما، والمؤمن يخدع.
وقد قيل: نسي، ولم ينو المخالفة، فلذلك قال: وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً، أي قصدا للمخالفة.
وأكثر المفسرين على أنّ العزم هنا الجزم والصّبر.
وقيل: كان عند أكله سكرانا، وهذا فيه ضعف، لأن الله تعالى وصف خمر الجنّة أنها لا تسكر، فإذا كان ناسيا لم تكن معصية، وكذلك إن كان ملبّسا عليه غالطا، إذ الاتفاق على خروج الناسي والسّاهي عن حكم التكليف.
وقال الشيخ أبو بكر بن فورك وغيره: إنه يمكن أن يكون ذلك قبل النبوّة، ودليل ذلك قوله تعالى: وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى. ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى، فذكر أَنَّ الاجتباء والهداية كانا بعد العصيان.
وقيل: بل أكلها متأوّلا، وهو لا يعلم أنّها الشجرة التي نهى عنها، لأنّه تأوّل نهى الله عن شجرة مخصوصة لا على الجنس، ولهذا قيل: إنما كانت التوبة من ترك التحفّظ، لا من المخالفة.
وقيل: تأوّل إن الله لم ينهه عنها نهي تحريم.
فإن قيل: فعلى كل حال فقد قال الله تعالى: وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ، وقال: فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى. وقوله في حديث الشفاعة: ويذكر ذنبه، وقال: إني نهيت عن أكل الشجرة فعصيت، فسيأتي الجواب عنه وعن أشباهه مجملا آخر الفصل إن شاء الله.