للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو سبّ أو غير سب؟ أو يكون رجع وتاب من سبّه، فلم يقله لمالك على أصله، وإلا فالإجماع على قتل من سبّه كما قدّمناه.

ويدلّ على قتله من جهة النّظر والاعتبار أنّ من سبه أو تنقّصه صلى الله عليه وسلم فقد ظهرت علامة مرض قلبه، وبرهان سرّ طويّته وكفره، ولهذا ما حكم له كثير من العلماء بالردّة، وهي رواية الشاميين عن مالك والأوزاعي، وقول الثوري، وأبو حنيفة، والكوفيين.

والقول الآخر أنه دليل على الكفر، فيقتل حدّا، وإن لم يحكم له بالكفر إلا أن يكون متماديا على قوله، غير منكر له، ولا مقلع عنه، فهذا كافر، وقوله: إمّا صريح كفر كالتكذيب ونحوه، أو من كلمات الاستهزاء والذمّ، فاعترافه بها وترك توبته عنها دليل استحلاله لذلك، وهو كفر أيضا، فهذا كافر بلا خلاف، قال الله تعالى في مثله: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ.

قال أهل التفسير: هي قولهم: إن كان ما يقول محمد حقا لنحن شر من الحمير.

وقيل: قول بعضهم: ما مثلنا ومثل محمد إلا قول القائل: سمّن كلبك يأكلك، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ.

وقد قيل: إنّ قائل مثل هذا إن كان مستترا به إنّ حكمه حكم الزّنديق يقتل، ولأنه قد غيّر دينه،

وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من غيّر دينه فاضربوا عنقه» ،

ولأنّ لحكم النبي صلى الله عليه وسلم في الحرمة مزيّة على أمته، وساب الحرّ من أمّته يحدّ، فكانت العقوبة لمن سبّه صلى الله عليه وسلم القتل، لعظيم قدره، وشفوف منزلته على غيره ... ] .