وروى أيضا عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال: بكى الناس يوم مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى النساء في الخدور، وكادت البيوت تسقط من الصّراخ.
وروى ابن عساكر عن أبي ذؤيب الهذلي: أنه لما قدم المدينة يوم مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فإذا لها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج إذا أهلّوا بالإحرام.
وروى ابن سعد عن القاسم بن محمد أن رجلا من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ذهب بصره فدخل عليه أصحابه يعودونه، فقال: إنما كنت أريدهما لأنظر بهما رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأما إذ قبض الله نبيّه فما يسرني أن ما بهما بظبي من ظباء تبالة.
وروى الإمام أحمد وأبو يعلى بسند صحيح وابن أبي شيبة والبزار والطبراني عن الزهري قال: أخبرني رجل من الأنصار من أهل الثقة، وأبو عبد الله بن سعد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعنا عثمان بن عفان يقول: لما مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وسوس رجال فإني كنت فيمن وسوس فمر عليّ عمر فسلّم فلم أردّ عليه ما علمت بتسليمه ... الحديث.
وروى ابن سعد وابن أبي شيبة والإمام أحمد وابن عدي والدارقطني في «الإفراد» والعقيلي والبيهقي في «شعب الإيمان» والضياء عن عثمان- رضي الله تعالى عنه- أن رجالا من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حزنوا عليه حتى كاد بعضهم يوسوس وكنت منهم فقلت لأبي بكر: توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قبل أن أسأله عن نجاة هذه الأمة، قال أبو بكر: قد سألته عن ذلك، فقال: من قبل مني الكلمة التي عرضتها على عمي فردها عليّ فهي له نجاة.
وروى الإمام أحمد والترمذي وحسنه والبيهقي بسند قال ابن كثير: على شرط الشيخين عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال: لما كان اليوم الذي [دخل فيه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي] [ (١) ] مات فيه أظلم من المدينة كل شيء.
وفي رواية: أظلمت المدينة حتى لم ينظر بعضنا إلى بعض، وكان أحدنا يبسط يده فلا يبصرها، وفي رواية: فلم أر يوما أقبح منه فما فرغنا من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا انتهى.
وروى الإمام أحمد ومسلم والبيهقيّ عنه قال: إن أمّ أيمن بكت لما قبض رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقيل لها: ما يبكيك يا أم أيمن ما عند الله خير لرسوله- صلى الله عليه وسلم- قد أكرم الله نبيه- صلى الله عليه وسلم- وأدخله جنته، وأراحه من نصب الدنيا فقالت: والله ما أبكي، أن لا أكون أعلم أنّ ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن أبكي أن الوحي انقطع من السماء كان يأتينا غضّا جديدا كل يوم وليلة، فعجب الناس من قولها» .