فلو أنّ ربّ النّاس أبقاك بيننا ... سعدنا، ولكن أمرنا كان ماضيا!
عليك من الله السّلام تحيّة، ... وأدخلت جنّات من العدن راضيا!
وقال كعب بن مالك- رضي الله تعالى عنه-:
وباكية حرّاء تحزن بالبكا ... وتلطم منها خدّها والمقلّدا
على هالك بعد النّبيّ محمّد ... ولو علمت لم تبك إلّا محمّدا
فجعنا بخير النّاس حيّا وميّتا ... وأدناه من ربّ البريّة مقعدا
وأفظعهم فقدا على كل مسلم ... وأعظمهم في النّاس كلّهم يدا
لقد ورثت أخلاقه المجد والثّقى ... فلم تلقه إلّا رشيدا ومرشدا
وقالت صفية بنت عبد المطلب- رضي الله تعالى عنها-:
لهف نفسي! وبتّ كالمسلوب ... آرق اللّيل فعلة المحروب!
من هموم وحسرة ردفتني، ... ليت أنّي سقيتها بشعوب!
حين قالوا: إنّ الرّسول قد امسى ... وافقته منيّة المكتوب!
إذ رأينا أنّ النّبيّ صريع، ... فأشاب القذال أيّ مشيب
إذ رأينا بيوته موحشات، ... ليس فيهنّ بعد عيش حبيبي
أورث القلب ذاك حزنا طويلا، ... خالط القلب، فهو كالمرعوب
ليت شعري! وكيف أمسي صحيحا ... بعد أن بين بالرّسول القريب؟
أعظم الناس في البريّة حقّا، ... سيّد النّاس حبّه في القلوب
فإلى الله ذاك أشكوا وحسبي، ... يعلم الله حوبتي ونحيبي!
وقالت أيضاً- رضي الله تعالى عنها-:
أفاطم، بكّي ولا تسأمي ... بصبحك، ما طلع الكوكب!
هو المرء يبكى، وحقّ البكاء! ... هو الماجد السّيّد الطّيّب!
فأوحشت الأرض من فقده، ... وأيّ البريّة لا ينكب؟
فما لي بعدك حتّى المما ... ت إلّا الجوى الدّاخل المنصب
فبكّي الرّسول! وحقّت له ... شهود المدينة والغيّب!
لتبكيك شمطاء مضرورة، ... إذا حجب النّاس لا تحجب