زاد أبو الربيع وأبو اليمن، ثم خطب خطبة جلّها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيها:
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وخاتم أنبيائه، وأشهد أن الكتاب كما نزّل، وأن الدين كما شرع وأن الحديث كما حدّث، وأن القول كما قال، وأن الله هو الحقّ المبين، في كلام طويل انتهى.
ثم قال: أيها الناس إنه من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ثم تلى هذه الآية: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ [آل عمران ١٤٤] .
زاد ابن عقبة وقال: إِنَّكَ مَيِّتٌ [الزمر ٣٠] وقال: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران ١٨٥] وقال: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص ٨٨] كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ، وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ [الرحمن ٢٦، ٢٧] زاد أبو الربيع وأبو اليمن: إن الله قد تقدم لكم في أمره فلا تدعوه جزعا، وأن الله تعالى قد اختار لنبيّه ما عنده على ما عندكم ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ [النحل ٩٦] وقبضه إلى ثوابه، وخلّف فيكم كتابه وسنّة رسوله، فمن أخذ بهما عرف، ومن فرق بينهما أنكر، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ [النساء ١٣٥] لا يشغلنّكم الشيطان بموت نبيّكم ولا يلفتنكم عن دينكم، وعالجوا الشيطان بالخزي تعجزوه ولا تستنظروه فيلحق بكم، انتهى.
زاد ابن عقبة إنّ الله عمّر محمّدا وأبقاه حتى أقام دين الله وأظهر أمر الله وبلّغ رسالة الله وجاهد أعداء الله حتّى توفّاه الله صلوات الله وسلامه عليه وهو على ذلك وترككم على الطّريقة فلن يهلك هالك إلا من بعد البينة [والشفاء فمن كان الله ربّه فإن الله حي لا يموت، ومن كان يعبد محمّدا وينزله إلها فقد هلك إلهه] فاتقوا الله أيها الناس واعتصموا بدينكم، وتوكلوا على ربكم، فإن دين الله قائم وكلمته باقية، وإن الله ناصر من نصره ومعزّ دينه وأن كتاب الله بين أظهرنا وهو النور والشفاء، وبه هدى الله محمداً صلى الله عليه وسلم وفيه حلال الله وحرامه والله لا نبالي من أجلب علينا من خلق الله، إنّ سيوف الله لمسلولة، ما وضعناها بعد ولنجاهدنّ من خالفنا كما جاهدنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلا يبقينّ أحد إلا على نفسه. انتهى.
وفي لفظ فو الله لكأن الناس لم يعلموا إن الآية نزلت [إلا] حين تلاها أبو بكر يومئذ فأخذها الناس عن أبي بكر فإنما هي في أفواههم، فلما تلاها أبو بكر أيقن الناس بموت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وتلقاها كثير من الناس من أبي بكر حتى تلاها. قال عمر- رضي الله تعالى