روى حديث أوس بن أوس قال: وهو حديث حسن صحيح، أخرجه أبو داود والنّسائي وجماعة، وقد روى مسلم عن أنس أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال:«مررت ليلة أسري بي على موسى وهو قائم يصلي في قبره»
وهذا من صفة الأجساد لا من صفة الأرواح.
قال: وفي حديث حسن في الإسراء أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: فدخلت المسجد فعرفت النبيين ما بين قائم وراكع وساجد، وقد صحّ في أحاديث كثيرة أن آدم وإبراهيم- صلى الله عليه وسلم- قالا له: مرحباً بالأخ الصالح، وصحّ أنه لما لقي موسى وجاوزه بكى موسى وقد وصف- صلى الله عليه وسلم- الأنبياء فقال: رأيت موسى قائما يصلّي، كأنه من رجال شنوءة ورأيت عيسى قائما يصلي كأنه عروة بن مسعود الثقفيّ، وأما إبراهيم فأشبه الناس بصاحبكم- يعني نفسه- صلى الله عليه وسلم- وهذه صفة الأجساد لا صفة الأرواح، وقد أخبر- صلى الله عليه وسلم- أنه لما لقي موسى بعد أن فرض الله عليه خمسين صلاة فقال له: إنّي جربت النّاس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشدّ المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، ففعل ذلك مرارا إلى أن أمره الله بخمس صلوات،
ومحال أن يكون هذا الخطاب من روح موسى دون جسده، والقائل بذلك مخالف للنّقل والعقل ونمنع أن يراهم في أجسادهم ويصفها، ويخاطبهم ويخاطبونه ثم يصلّي بالأرواح دون الأجساد، والصلاة في اللغة:
الدّعاء.
وفي الشريعة: عبارة عن القراءة مع القيام والركوع والسّجود.
وقيام الأرواح وقعودها وقراءتها غير مدرك ولا معقول ولا منقول، فتبارك الذي خص محمداً عبده ورسوله وخيرته من خلقه. فإن قال قائل: كيف صلّى بهم في بيت المقدس ثم رآهم في السّماء؟.
فنقول، وبالله التوفيق: إن الذي أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى إلى السّماء إلى سدرة المنتهى فكان قاب قوسين أو أدنى ثم رجع إلى مكّة قبل الصّبح هو الذي أراه إياهم كيف يشاء وجمعهم له أين يشاء، فسبحان الذي لا يحاط بقدرته، ولا تنتهي عظمته، ولا تدرك حقيقته وهو على كل شيء قدير ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، انتهى كلام الحافظ عبد الغني المقدسي رحمه الله.
وفي صحيح مسلم أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: إن إبراهيم ابني مات، وإنه مات في الثّدي وإن له لظئرين تكمّلان رضاعه في الجنة.
ووجه الدّلالة من هذا الحديث ظاهرة وأن تكملة الرضاع إنما هو في الدّنيا، وإذا كان هذا في حقّ ولده- صلى الله عليه وسلم- كرامة له فلأن يثبت في حقّه الحياة- صلى الله عليه وسلم- بطريق أولى.
وروى أبو داود الطيالسي بسند صحيح أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: لما مات إبراهيم: