ونقل عن ابن أبي الصيف اليمنى أحد علماء مكة من الشافعية جواز تقبيل المصحف، وأجزاء الحديث، وقبور الصالحين انتهى كلام الحافظ.
ونقل الطيب الناشري عن المحب الطبري، أنه يجوز تقبيل الحجر ومسه قال: وعليه عمل العلماء الصالحين، وينشد:
أمرّ على الدّيار ديار ليلى ... أقبّل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حبّ الدّيار شغفن قلبي ... ولكن حبّ من سكن الدّيارا
ومنها اجتناب الانحناء للقبر عند التسليم، وهو من البدع، ويظن من لا علم له أنه من شعار التعظيم، وأقبح منه تقبيل الأرض، لم يفعله السلف الصالح، والخير كله في اتباعهم، ومن خطر بباله أن تقبيل الأرض أبلغ في البركة فهو من جهالته وغفلته، لأن البركة إنما هي فيما وافق الشرع وأقوال السلف وعملهم.
قال ابن جماعة: وليس عجبي ممن جهل ذلك فارتكبه، بل عجبي ممن أفتى بتحسين ذلك مع علمه بقبحه ومخالفته لعمل السلف.
ومنها: أن لا يمر بالقبر الشريف حتى يقف ويسلم على النبي- صلى الله عليه وسلم-، سواء مرّ من داخل المسجد أو من خارجه، ويكثر من قصده وزيارته.
وروى ابن أبي الدنيا عن أبي حازم أن رجلا أتاه، فحدثه أنه رأى النبي- صلى الله عليه وسلم- يقول:
قل لأبي حازم: أنت المارّ بي معرضا، لا تقف تسلّم عليّ، فلم يدع ذلك أبو حازم منذ بلغته هذه الرّؤيا.
ومنها: إكثار الصلاة والتسليم على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وإيثار ذلك على سائر الأذكار ما دام هناك. ومنها: اغتنام ما أمكن من الصيام ولو يسيرا من الأيام.
ومنها الحرص على فعل الصلوات الخمس بالمسجد النبوي في الجماعة، والإكثار من النّافلة مع تحرّي المسجد الذي كان فيه زمنه- صلى الله عليه وسلم- إلا أن يكون الصف الأول خارجه فهو أولى، وإن أمكنه ملازمته، وأن لا يفارقه إلا لضرورة أو مصلحة راجحة، فليغتنم ذلك، وكلما دخله فليجدّد نيّة الاعتكاف، ولله در القائل: تمتّع إن ظفرت بنيل قرب وحصّل ما استطعت من ادّخاره.
قال أبو مخلد: كانوا يستحبون لمن أتى المساجد الثلاثة أن يختم فيها القرآن قبل أن يخرج، رواه سعيد بن منصور.
قال أبو اليمن بن عساكر: وليحرص على المبيت بالمسجد، ولو ليلة يحييها بالذّكر،