والدّعاء، وتلاوة القرآن، والتضرّع إلى الله تعالى والشّكر على ما أعطاه.
ومنها أن لا يستدبر القبر المقدّس في صلاة ولا في غيرها من الأحوال، ويلتزم الأدب شريعة وحقيقة في الأقوال والأفعال.
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: وإذا أردت الصلاة فلا تجعل حجرته- صلى الله عليه وسلم- وراء ظهرك، ولا بين يديك، وتأدّب معه بعد وفاته أدبك معه في حياته من احترامه والإطراق بين يديه، وترك الخصام وترك الخوض فيما لا ينبغي أن يخوض فيه في مجلسه، فإن أبيت فانصرافك خير من بقائك، ومنها: أن يجتنب ما يفعله جهلة العوام من التقرب بأكل التمر الصيحاني في المسجد، وإلقاء النوى به، وقطعهم شعورهم، ورميها في القنديل الكبير.
فقد قال الإمام النّوويّ: أن ذلك من جهالات العوام، وبدعهم المنكرة المستبشعة.
ومنها: إدامة النّظر إلى الحجرة الشّريفة، فإنّها عبادة، قياسا على الكعبة الشريفة العظيمة، فينبغي لمن كان بالمدينة إدامة ذلك إذا كان في المسجد، وإدامة النظر إلى القبة الشريفة، إذا كان خارجه مع الهيبة والحضور.
ومنها: أنه يستحبّ الخروج كلّ يوم إلى البقيع بعد السلام على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خصوصا يوم الجمعة، فيقول إذا انتهى إليه: السّلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم.
وقال الإمام النووي- رحمه الله تعالى-: ويزور القبور الطاهرة بالبقيع، كقبر إبراهيم بن النبي- صلى الله عليه وسلم- وعثمان والعباس والحسن بن علي وعلي بن الحسين ومحمد بن علي بن جعفر، وجعفر بن محمد، وغيرهم، ويختم بصفيّة.
قال العلّامة فضل الله ابن القاضي نصر الدين الفوري الحنفي: وإذا خرج من باب البلد يأتي قبة العباس والحسن بن علي- رضي الله تعالى عنهم-، ويختم بزيارة صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.
قال السيد: ولعله يكون مشهدهم أوّل المشاهد التي يلقاها الخارج من البلد، فإنه يكون على يمينه، فمجاوزتهم من غير سلام عليهم جفوة، فإذا سلك تلك الطريق سلّم على من يمر به بعدهم، فيكون مروره على صفية في رجوعه، فيختم بها.
وقال البرهان ابن فرحون: أول المشاهد وأولاها بالتقديم مشهد سيدنا أمير المؤمنين عثمان بن عفّان، لأنه أفضل الناس بعد أبي بكر وعمر- رضي الله تعالى عنهم أجمعين- واختار