موضوعه، وهذا لا يوجب نقلا ولا خروجا عن موضوعه الأصلي، وهو نوعان: دعاء عبادة، ودعاء مسألة فالعابد داع كالسائل، وبهما فسّر قوله تعالى: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر ٦٠] فقيل: أطيعوني أثبكم.
وقيل: سلوني أعطكم.
قال ابن القيم: والصواب أنّ الدعاء يعم النوعين أو غير ذلك.
واعلم أن الصلاة يختلف حالها بحسب حال المصلي والمصلى له والمصلى عليه.
فأما بالنسبة إلى حال المصلي، فقيل: إنّ معنى صلاة الله على نبيه صلاته عليه عند ملائكته، وصلاة الملائكة عليه الدعاء له، رواه البخاري في أبي العالية.
وقيل: صلاة الرّبّ الرّحمة، وصلاة الملائكة الاستغفار، نقله الترمذي عن سفيان وغير واحد من أهل العلم، ورجّح القرافيّ أنّ الصّلاة من الله المغفرة.
وقيل: صلاته تعالى: «سبّوح قدّوس رب الملائكة والروح» . رواه ابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي رباح في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ الآية.
وقال الماورديّ: هي من الله في أظهر الوجوه الرّحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن المؤمنين الدّعاء.
نقل عياض عن أبو بكر القشيري قال: الصلاة على النبي- صلى الله عليه وسلم- تشريف وزيادة تكرمة، وعلى من دون النّبيّ رحمة.
وأما صلاتنا فالمراد بها التعظيم بأسباب ما ينبغي له فضل الله تعالى.
فمعنى قولنا: «اللهم صل على محمّد اللهمّ أعطه في الدّنيا بإعلاء ذكره، وإظهار دينه، وإبقاء شريعته، وفي الآخرة تشفيعه في أمّته وإجزال أجره ومثوبته، وإبداء فضله للأوّلين والآخرين بالمقام المحمود، وتقديمه على كافّة المقرّبين الشّهود، وهذا وإن كان واجبا علينا فهو ذو درجات ومراتب، فإذا صلّى عليه أحد من أمّته واستجيب دعاؤه، جاز أن يزاد النبي- صلى الله عليه وسلم- بذلك الدعاء في كل شيء مما سميناه، ولمّا لم نملك إيصال ما يعظم به أمره، ويعلو به قدره، لأن ذلك إنما هو بيد الله تعالى، أمرنا أن نصلي عليه بأن ندعوا الله تعالى له بذلك، ونبتغي من الله تعالى إيصال ذلك إليه، قضاء لحقه، وتقرّبا إلى الله تعالى، فقد أمرنا بالمكافأة لمن أحسن إلينا، فإن عجزنا عنه، كافأناه بالدعاء، فأرشدنا تعالى لما علم عجزنا عن ذلك إلى الصلاة عليه، ليكون مكافأة لإحسانه إلينا، قاله ابن عبد السلام.