وقال ابن العربي: فائدة: الصلاة عليه ترجع إلى المصلي، لدلالة ذلك على نصوح العقيدة وخلوص النّيّة وإظهار المحبة، والمداومة على الطاعة والاحترام للواسطة الكريمة.
قال السهيلي- رحمه الله تعالى- ما حاصله: أن الله تعالى أخبر أنّه هو وملائكته يصلّون عليه، وكلّ واحد من المؤمنين وجب أن يصلّي عليه، فوجب على كل واحد أن يباشر الصلاة عليه- صلى الله عليه وسلم-، والصلاة عليه- صلى الله عليه وسلم- بعد موته من هذا القبيل.
وقال أيضا: صلاة الملائكة في ذلك الزمان وما تأخّر جميعه محتمل لأمرين:
إما أن يكون على سبيل الأوجب، بالنسبة إليه- صلى الله عليه وسلم-.
وأما أن يكون على سبيل الأفضل، بالنسبة إليه، وهو الأقرب.
وعلى الاحتمالين فالخصوصيّة ثابتة.
إما على الأول فواضح.
وإما على الثاني، فلأن الأفضل في حق غيره فعلها جملة، وليست شرطا بلا خلاف.
وقال ابن النعمان، عن شيخه ابن عبد السلام ليست الصلاة على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بشفاعة منا، فإنّ مثلنا لا يشفع لمثله، لكن الله سبحانه وتعالى أمرنا بمكافأة من أنعم علينا وأحسن إلينا، فإن عجزنا عن مكافأته دعونا له أن يكافئه عنّا، ولما عجزنا عن مكافأة سيد الأولين والآخرين، أمرنا رب العالمين أن نرغب إليه، بأن نصلّي، لتكون صلاتنا عليه مكافأة لإحسانه إلينا، وإفضاله علينا، إذ لا إحسان أفضل من إحسانه- صلى الله عليه وسلّم- وعلى آله وإخوانه.
قال السهيلي: وفي حكمها مذاهب. الاستحباب مطلقا، قاله ابن جرير الطّبريّ، وادّعى الإجماع عليه، وأوّله بعض العلماء بما زاد على المرة الواحدة، وهو متعيّن، فقد نقل ابن القصّار وغيره الإجماع على أنها تجب في الجملة من غير حصر، لكن أقلّ ما يحصل به الإجزاء مرّة.
وقال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أن الصلاة عليه فرض على كل مؤمن بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ [الأحزاب ٥٦] .
وقيل: واجبة مرّة في العمر في صلاة أو غيرها، ككلمة التّوحيد، وحمد الله وشكره.
قال ابن حزم، وأبو بكر الرازي من الحنفية، وغيرهما، وقال القرطبيّ المفسّر: لا خلاف في أنّ الصّلاة عليه فرض في العمر مرة، وأنها واجبة في كل حين [من الواجبات] وجوب السّنن المؤكّدة، وسبقه إلى ذلك ابن عطيّة فقال: الصلاة على النبي- صلى الله عليه وسلم- في كل حال