للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال نفطويه [ (١) ] رحمه اللَّه تعالى في قوله تعالى: يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ [النور ٣٥] هذا مثل ضربه اللَّه تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم يقول: يكاد نظره يدل على نبوته وإن لم يتل قرآنا. كما قال ابن رواحة رضي اللَّه تعالى عنه:

لو لم تكن فيه آيات مبينة ... كانت بداهته تنبيك بالخبر

وقال القرطبي رحمه اللَّه تعالى: قال بعضهم، لم يظهر لنا تمام حسنه صلى الله عليه وسلم لأنه لو ظهر لنا تمام حسنه لما طاقت أعيننا رؤيته صلى الله عليه وسلم. ويرحم اللَّه تعالى الشرف البوصيري حيث قال:

فهو الذي تم معناه وصورته ... ثم اصطفاه حبيبا بارى النسم

منزّهٌ عن شريكٍ في محاسنه ... فجوهر الحسن فيه غير منقسم

إلى أن قال رحمه اللَّه تعالى:

أعيا الورى فهم معناه فليس يرى ... للقرب والبعد فيه غير منفحم

كالشمس تظهر للعينين من بعدٍ ... صغيرة وتكل الطرف من أمم

وهذا مثل قوله رحمه اللَّه تعالى:

إنما مثلوا صفاتك للناس ... كما مثل النجوم المساء

ويرحم اللَّه تعالى الشرف ابن الفارض حيث قال:

وعلى تفنن واصفيه بحسنه [ (٢) ] ... يفنى الزمان وفيه ما لم يوصف

[ (٣) ] وسيدي علي بن أبي وفا حيث قال رحمه اللَّه تعالى:

كم فيه للأبصار حسن مدهش ... كم فيه للأرواح راح مسكر

سبحان من أنشاه من سبحاته ... بشرا بأسرار الغيوب يبشر


[ (١) ] إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي العتكي، أبو عبد اللَّه، من أحفاد المهلب بن أبي صفرة: إمام في النحو. وكان فقيها، رأسا في مذهب داود، مسندا في الحديث ثقة، قال ابن حجر: جالس الملوك والوزراء، وأتقن حفظ السيرة ووفيات العلماء، مع المروءة والفتوة والظرف. ولد بواسط (بين البصرة والكوفة) ومات ببغداد وكان على جلالة قدره تغلب عليه سذاجة الملبس، فلا يعنى بإصلاح نفسه. وكان دميم الخلقة، يؤيد مذهب «سيبويه» في النحو فلقبوه «نفطويه» ونظم الشعر ولم يكن بشاعر، وإنما كان من تمام أدب الأديب في عصره أن يقول الشعر. سمّى له ابن النديم وياقوت عدة كتب، منها «كتاب التاريخ» و «غريب القرآن» و «كتاب الوزراء» و «أمثال القرآن» ولا نعلم عن أحدها خبرا. توفي سنة ٣٢٣ هـ[الأعلام ١/ ٦١.]
[ (٢) ] في أبوصفه.
[ (٣) ] البيت من قصيدة مطلعها:
قلبي يحدثني بأنك متلفي ... روحي فداك، عرفت أم لم تعرف
ديوان ابن الفارض. دار الكتب العلمية ت: مهدي محمد ناصر الدين ص ١٤٢: ١٤٨.