للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأساس أساس إبراهيم صلى الله عليه وسلم أفضوا إلى حجارة خضر كالأسنمة آخذ بعضها ببعض، فأدخل رجل ممن كان يهدم عتلته بين حجرين منها ليقلع بها بعضها فلما تحرك الحجر تنقضت مكة بأسرها وأبصر القوم برقة خرجت من تحت الحجر كادت تخطف بصر الرجل فانتهوا عن ذلك الأساس.

ووجدت قريش في الركن كتابا بالسريانية فلم يدروا ما هو حتى قرأه لهم رجل من يهود فإذا هو: أنا اللَّه ذو بكّة، خلقتها يوم خلقت السموات والأرض وصورت الشمس والقمر، وحففتها بسبعة أملاك حنفاء لا يزول أخشباها يبارك لأهلها في الماء واللبن.

ووجدوا في المقام كتابا فيه: مكة اللَّه الحرام يأتيها من ثلاثة سبل، لا يحلها أول من أهلها.

ووجدوا آخر مكتوب فيه: من يزرع خيرا يحصد غبطة ومن يزرع شرا يحصد ندامة تعملون السيئات وتجزون الحسنات أجل كما يجتنى من الشوك العنب.

ثم بنوها حتى بلغ البنيان موضع الركن فاختصموا فيه، كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى، حتى تحاوزوا وتحالفوا وأعدوا للقتال، فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دما ثم تعاقدوا هم وبنو عدي بن كعب على الموت وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم في تلك الجفنة، فسموا لعقة الدم.

فمكثت قريش على ذلك أربع ليال أو خمسا ثم إنهم اجتمعوا في المسجد، فتشاوروا وتناصفوا، فزعم

بعض أهل الرواية أن أبا أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وكان عامئذ أسن قريش كلها قال: يا معشر قريش اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم. فكان أول داخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلما رأوه قالوا: هذا الأمين.

رضينا، هذا محمد. فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر قال صلى الله عليه وسلم: هلم إلي ثوبا. فأتي به فأخذ الركن فوضعه فيه بيده ثم قال: لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعا. ففعلوا حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه هو بيده صلى الله عليه وسلم.

وكانت قريش تسمي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبل أن ينزل عليه الوحي الأمين.

قال في «الزهر» و «الإشارة» : وكان ذلك في يوم الاثنين.

وروى يعقوب بن سفيان عن ابن شهاب أن قريشا لما بنوا الكعبة فبلغوا موضع الركن اختصمت في الركن أي القبائل تلي رفعه فقالوا: نحكم أول من يطلع علينا. فطلع عليهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو غلام فحكموه فأمر بالركن فوضع في ثوب ثم أخرج سيد كل قبيلة فأعطاه ناحية من الثوب ثم ارتقى هو فرفعوا إليه الركن فوضعه هو، ثم طفق لا يزداد على السن إلا رضا حتى دعوه الأمين قبل أن ينزل عليه الوحي، فطفقوا لا ينحرون جزورا إلا التمسوه فيدعو لهم فيها.