بالمريض والشريف بالوضيع يقول الثاني في كلّ: مالي لا أكون كالأول في كلّ أَتَصْبِرُونَ على ما تسمعون ممن ابتليتم بهم، استفهام بمعنى الأمر أي اصبروا وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً بمن يصبر وبمن يجزع.
وأنزل اللَّه تعالى فيما قال عبد الله بن أبي أمية- وقد تقدم إنه أسلم بعد: وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً عيناً ينبع منها الماء أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ بستان مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ، فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها وسطها تَفْجِيراً أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً قطعا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا مقابلة وعيانا فنراهم. أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ ذهب أَوْ تَرْقى تصعد فِي السَّماءِ بسلّم وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ لو رقيت فيها حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا منها كِتاباً فيه تصديقك نَقْرَؤُهُ قل لهم:
سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا كسائر الرسل والبشر ولم يكونوا يأتون بآية إلا بإذن اللَّه.
قال ابن إسحاق: وأنزل اللَّه تعالى في قولهم فيما قد بلغنا: إنما يعلّمك رجل باليمامة يقال له الرحمن: ولن نؤمن به أبدا، يعنون به مسيلمة بن حبيب الحنفي، روى وثيمة بن موسى عن سعيد بن المسيّب أن مسيلمة تسمّى بالرحمن في الجاهلية قبل أن يولد عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم كان من المعمّرين: كَذلِكَ أي مثل إرسالنا الرسل قبلك يا محمد أَرْسَلْناكَ ثم بين المرسل إليهم فقال: فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مضت مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا لتقرأ عليهم الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ من القرآن وشرائع الإسلام وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ، قل لهم يا محمد الرحمن الذي أنكرتم معرفته: هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ توبتي ومرجعي.
وأنزل اللَّه تعالى فيما عرضوا عليه من أموالهم: قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ على الإنذار والتبليغ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ أي لا أسألكم عليه أجرا إن أَجْرِيَ ما ثوابي إِلَّا عَلَى اللَّهِ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ مطّلع يعلم صدقه.
وأنزل اللَّه تعالى فيما قال أبو جهل وما همّ به: أَرَأَيْتَ في مواضعها الثلاثة للتعجب الَّذِي يَنْهى هو أبو جهل عَبْداً هو النبي صلى الله عليه وسلم إِذا صَلَّى أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ أي المنهي عَلَى الْهُدى أَوْ للتقسيم أَمَرَ بِالتَّقْوى. أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ أي الناهي النبيّ وَتَوَلَّى عن الإيمان. أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى ما يصدر منه أي يعلمه فيجازيه عليه.
أي: أعجبت منه يا مخاطب، من حيث نهيه عن الصلاة، ومن حيث أن المنهيّ على الهدى آمر بالتقوى، ومن حيث أن الناهي مكذّب متولّ عن الإيمان.
كَلَّا ردع له لَئِنْ لام قسم لَمْ يَنْتَهِ عما هو عليه من الكفر لَنَسْفَعاً