للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثالثاً: الكَذِبُ في الطَّلَاقِ:

لو قيل للزَّوج: «أَطَلَّقْتَ امرأتَكَ»؟ فقال: «نعم»؛ يريدُ الكَذِب بذلك؛ فإنَّها تَطْلُقُ؛ لأنَّ «نعم» صريحٌ في الجواب، والجوابُ الصريح للَّفظ الصريح صريحٌ؛ إذ لو قيل: «ألزيدٍ عليك ألفٌ»؟ فقال: «نعم». كان إقراراً.

ولو قيل: «أَلَكَ امرأةٌ»؟ فقال: «لا»، وأراد الكَذِب، لم تَطْلُق إن لم يَنْوِ به الطَّلاق؛ لأنَّه كنايةٌ تفتقر إلى نيةٍ، ولم توجد مع إرادة الكذب.

رابعاً: سَبْقُ اللِّسانِ في الطَّلَاقِ:

إذا سَبَق لسانُ الزَّوج بلفظ الطلاق الصَّريح؛ كما لو أراد أن يقول: «طاهراً» أو «طاعناً»، فسبق لسانه ب «طالقٍ»، وادَّعى أنَّه لم يُرد طلاقاً؛ لم تطلق ديانةً -أي فيما بينه وبين الله تعالى- إن كان صادقاً؛ لأنَّه أعلم بما أراد، ولا يُمكن الاطِّلاع على ذلك إلَّا من جهته. فإن رُفِع الأمر إلى القاضي حكم بوقوع الطلاق؛ لأنَّ ذلك خلاف ما يقتضيه الظَّاهر في العُرْف، فتَبْعُدُ إرادته ما ذَكَر؛ كما لو أَقَرَّ بعشرة دراهم، ثمَّ قال: أردتُ عشرة دراهم مغشوشة؛ فإنَّه لا يُقبل ذلك منه قضاءً.

وكذا لو قال: «طالقاً»، وقال: أردتُ: من وَثاقٍ، أو أردتُ: من زوجٍ كان قَبْلي. أو قال: «أنتِ طالقٌ»، وقال: أردتُ: إن قُمْتُ، فتَركْتُ الشَّرط، ولم أُرِدْ طلاقًا؛ لم يقع طلاقه دِيانةً إن كان صادقاً، ويقع قضاءً؛ لما سبق.