للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا أقرَّ بعضُ مستحقِّي القصاص بعفو شريكه، أو شَهِدَ بذلك، سقط القِصاصُ، ولو كان الشاهد فاسقاً؛ لأنَّ شهادته إقرار منه بأنَّ نصيبه من القصاص سقط، والقصاص لا يتبعَّض؛ فيسري إلى الباقين. ويكون للباقين الذين لم يعفوا حقُّهم من الدِّيَة على الجاني؛ لأنَّها بدلٌ عمَّا فاتهم من القصاص.

الشرط الثالث: أن يؤمَنَ في استيفائه القصاص تعدِّيه إلى غير القاتل؛ لقول الله : ﴿فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ﴾ [الإسراء: ٣٣].

فإذا كان القاتل امرأةً حاملًا، ووجب عليها القصاص، أو حَمَلت بعد وجوب القصاص عليها، لم تُقْتَل حتَّى تضع حَمْلَها وتسقيه اللَّبَأ (أوَّل اللَّبن في النتاج)؛ لأنَّ قتلها إسرافٌ في القتل؛ لتعدِّيه إلى الجنين.

ثمَّ إن وُجدَ من يُرضعه قُتِلَت؛ لأنَّ غيرها يقوم مقامها في إرضاع الولد وتربيته، وإلَّا فإنَّها لا تُقتل حتَّى تُرضِعَه حَوْلَين كامِلَين؛ لأنَّ النبيَّ قال للغامديَّة التي اعترفت بالزِّنا وكانت حاملًا: (حَتَّى تَضَعِي مَا فِي بَطْنِكِ)، فلمَّا وضعت قال: (إِذًا لَا نَرْجُمُهَا وَنَدَعُ وَلَدَهَا صَغِيرًا لَيْسَ لَهُ مَنْ يُرْضِعُهُ. فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: إِلَيَّ رَضَاعُهُ يَا نَبِيَّ اللّاهِ. قَالَ: فَرَجَمَهَا) [رواه مسلم].

ولأنَّه إذا أُخِّر الاستيفاء لحفظه وهو حملٌ، فلأن يؤخَّر لحفظه بعد وضعه أَوْلى.

ثالثاً: كيفيَّةُ استيفاء القِصاص:

أ - إذا أُريدَ استيفاء القِصاص، فيجب أن يكون استيفاؤه بحَضْرَة السُّلطان،