للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب جامع أحكام الأَيْمان ومسائلها

أوَّلًا: الرُّجوعُ إلى نيَّة الحالِفِ:

- يُرْجع في الأَيْمان إلى نِيَّة الحالِف؛ فتتعلَّق يمينُه بما نواه، دون ما لَفَظَ به؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [المائدة: ٨٩]، فإذا رُجِعَ إلى النيَّة في أصل اليمين؛ هل هي يمينٌ مُنعَقِدةٌ أو غير مُنعَقِدةٌ؟ فلأَنْ يُرجَعَ إليها في المراد باليمين من باب أَوْلَى. ولحديث: ( … وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) [رواه البخاري، ومسلم]. ولأنَّ كلام الشارع يُحمَلُ على ما دلَّ دليلٌ على إرادته به، فكذا كلام غيره.

لكن يشترط لذلك شرطان:

الشَّرط الأوَّل: أن يحتمل اللَّفظُ نيَّتَه؛ كما لو نَوَى بالسَّقْف السَّماء، وبالفِراشِ أو البِساطِ الأرضَ، وباللِّباس اللَّيلَ، وبالأُخوَّة أُخوَّةَ الإسلام، ونحو ذلك.

أمَّا إذا لم يحتمل اللَّفظُ نيَّته؛ كما لو حَلَفَ لا يأكلُ خُبْزاً -مثلًا-، وقال: «أردتُ لا أدخلُ بيتاً»؛ لم تنصرف اليمينُ إلى ما نواه؛ لأنَّ اللَّفظ لا يحتمل ذلك أصلًا.

الشَّرط الثَّاني: ألَّا يكون الحالِفُ ظالماً بيمينه، فإن كان ظالماً بها لم تنفعه هذه النيَّة؛ كما لو حَلَفَ إنسانٌ عليه دَيْنٌ لغيرِه؛ قائلًا: «والله ما له عندي شيءٌ». وقال: «أردتُ بذلك مَالُهُ عندي، وهو شيءٌ»، كان ذلك كَذِباً، ولا ينفعه هذا