للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* كِتابُ القَاضِي إلى القَاضِي:

- يَصِحُّ أن يكتب القاضي الذي ثَبَت عنده حقٌّ من حقوق الآدميين؛ من قَرْضٍ، أو غَصْبٍ، أو بَيْعٍ، أو إجارةٍ، أو رَهْنٍ، أو وَصيَّةٍ بمالٍ، أو طلاقٍ، أو نكاحٍ، أو نَسَبٍ، أو غير ذلك، بصورة الدَّعْوَى الواقعة على الغائب، إلى قاضٍ آخر مُعيَّنٍ، أو إلى من يصل إليه الكتاب من قُضاة المسلمين وحُكَّامهم بلا تعيين، بشرط أن يقرأ القاضي الكاتب ذلك على عَدْلَيْن يَضْبِطان معناه وما يتعلَّق به الحُكْم، ثمَّ يقول: «هذا كتابي إلى فلان بن فلان»، أو «هذا كتابي إلى مَنْ يصل إليه من القُضاة»، ويَدْفعه إليهما؛ لأنَّ ما أمكن إثباته بالشَّهادة لم يَجُز الاقتصار فيه على الظَّاهر؛ كالعقود.

- ويقول في الكتاب: «إنَّ ذلك قد ثَبَت عندي، وإنَّك تأخذ الحقَّ للمستحِقِّ»؛ لما رَوَى الضحَّاك بن سفيان الْكِلَابِيُّ قال: (كَتَبَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ أَنْ أُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضِّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا) [رواه أبوداود، والترمذي، وابن ماجه].

- فإذا وَصَلا بالكتاب إلى محلِّ القاضي المكتوب إليه دفعاه إليه، وقالا: «نَشْهَد أنَّ هذا كتاب القاضي فلان إليك كتبه من عَمَلِه، وأشْهَدَنا عليه».

- ويَلْزم القاضي الواصل إليه ذلك الكتاب العمل به؛ لإجماع الأُمَّة على قبوله؛ لقول الله تعالى حكايةً عن بِلْقيس: ﴿إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ﴾ [النمل: ٢٩]. ولأنَّه كتب إلى ملوك الأطراف وإلى عمَّاله وسُعَاته.