للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل في فائدة الحَجْر

يتعلَّق بالحَجْر على المُفْلِس أربعة أحكام:

الأوَّل: تعلُّق حقِّ الغرماء بالمال؛ بمعنى أنَّ أموال المحجور عليه صارت مشغولة بحقوق غرمائه، فلا يصحُّ تصرُّفه فيها بأيِّ تصرُّفٍ؛ لا ببيعٍ، ولا شراءٍ، ولا إجارةٍ، ولا هبةٍ، ولا رهنٍ، ولا وقفٍ، ولا غير ذلك من أنواع التصرُّفات المتعلِّقة بالمال؛ لأنَّه قد تعلَّقت به حقوق غرمائه، وهذه فائدة الحَجْر؛ وإلَّا لم يكن له فائدة.

فمثلًا: لو حُكم على رجل بالحَجْر، وعنده مزرعةٌ كان قد عَرَضَها للبيع قبل الحَجْر عليه، أو سيارةٌ وضعها في المعرض للبيع قبل الحَجْر عليه، ثمَّ حُكِمَ عليه بالحَجْر، فلا يمكنه حينئذٍ بيعها؛ لتعلُّق حقِّ الغرماء بها، فلا يمكنه التصرُّف فيها. إلَّا إذا كان بيعه قبل الحَجْر؛ فإنَّه نافذٌ؛ لأنَّ سبب المنع الحَجْر، فلا يتقدَّم سببه عليه.

أمَّا التصرُّفات المتعلِّقة بذمَّته؛ كأنْ يشتري شيئاً بثمنٍ مؤجَّل، أو أنْ يقترض، أو أنْ يضمن أحداً في دَيْنِه، أو أن يُقرَّ لأحدٍ بشيءٍ في ذمَّته ونحو ذلك، فتصحُّ منه، لأنَّه أهلٌ للتصرُّف، والحَجْر إنَّما يتعلّق بماله دون ذمَّته. لكنَّه لا يُطالب بما لزمه في ذمَّته إلَّا بعد فكِّ الحَجْر عنه؛ لأنَّ المال المحجور عليه صار حقًّا للغرماء.

فمثلاً: لو اشترى سيارةً من شخصٍ بثمنٍ مؤجَّلٍ في ذمَّته، فيصحُّ شراؤه، لكنْ لا يدفع ثمنَها من هذا المال الذي حُجِر عليه؛ لتعلُّقه بحقوق خصومه، فإذا رُفع الحَجْر عنه أعطى البائع ثمنَها.

الثَّاني: أنَّ من وجد عَيْنَ ما باعَه أو أقْرَضَه للمُفْلِس (المحكوم عليه بالحَجْر)