للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمَّا النَّبي فممنوع من ذلك؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ﴾ [المدثر: ٦]؛ أي: لا تُعطِ شيئاً لتأخذ أكثر منه. ولما في ذلك من الحرص والمنَّة، والنَّبي مأمور بأشرف الأخلاق وأجلِّها.

سادساً: حُكْمُ رَدِّ الهَدِيَّة:

يكره ردُّ الهديَّة وإن كانت قليلة؛ لحديث ابن مسعود قال: قال رسول الله : (أَجِيبُوا الدَّاعِيَ، وَلَا تَرُدُّوا الهَدِيَّةَ … ) [أخرجه أحمد، والبخاري في «الأدب المفرد» ولحديث أبي هريرة عن النَّبي قال: (لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ لأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ لَقَبِلْتُ) [أخرجه البخاري].

بل السُّنَّة أن يكافَئ المُهْدِي على هديَّته؛ لحديث عائشة قال: (كَانَ رَسُولُ الله يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا) [أخرجه البخاري]. فإن لم يستطع أن يكافئه فليدعو له؛ لحديث ابن عمر قال: قال رسول الله : ( … وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ، فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ) [أخرجه أحمد، وأبو داود، والنسائي]. إلا إذا علم المُهْدَى له أنَّه أَهدى له حياءً؛ فيجب ردُّ الهديَّة حينئذٍ؛ لأنَّ المقاصد في العقود معتبرة.

سابعاً: تملُّكُ الهِبَةِ:

يملك الموهوب له الموهوب بمجرَّد العقد؛ أي الإيجاب والقبول؛ سواء كان ذلك بقولٍ أو فعلٍ دالٍّ عليها؛ كما تقدَّم. فإذا قال: وَهَبْتُك هذه الدَّار أو هذه الفَرَس، فقال: قَبِلْتُ. أو أعطاه سيَّارةً، أو ناقةً بما يفهم منه أنَّها هِبَة، انعقدت الهِبَة