للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل في مسائلَ تتعلَّق بزكاةِ الخارجِ من الأرضِ

أوَّلاً: المقدارُ الواجبُ إخراجُه في زكاةِ الزروعِ والثمارِ:

يجبُ إخراج العُشْر إذا كان الزرع أو الشجر يُسْقَى بلا كلفة؛ كأن يُسقَى من مياه الأمطار، أو الأنهار، أو العيون، أو كان يَشربُ بعُروقِه، أمَّا إذا كان يُسْقى بكلفة؛ كأن يُسقَى بالآلات ونحوها ممَّا فيه كلفة فيجبُ فيه نصفُ العُشْر؛ للحديث السابق: (فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ) [رواه البخاري]. والنَّضْح: ما سُقِيَ بالسَّواقي.

ثانياً: وقتُ إخراجِ زكاةِ الزروعِ والثمارِ:

تقدَّم أنَّ وقت وجوب الزكاة هو: اشتداد الحبِّ، وظهور صلاح الثمر، فإذا اشتدَّ الحبُّ، وظهر صلاح الثمر فقد وجبت الزكاة، لكنَّها لا تستقرُّ في ذمَّة صاحب الحبِّ أو الثمر إلَّا إذا وضعها في البَيْدَر: وهو الموضع الذي تُجمَع فيه الثمار والحبوب.

أمَّا الحبوب: فلتصفيتها، وإزالة القِشْر عنها.

وأمَّا الثمار: فلتجفيفها لتذهب عنها الرُّطوبة، فتكون جافَّة.

فلا يستقرُّ الوجوب في ذمَّته إلَّا إذا جعلها في البَيْدر؛ لقوله تعالى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام ١٤١]، وعلى ذلك فلو تَلِفَت بعدَ بدوِّ الصلاح واشتداد الحبِّ، وقبل جعلها في البَيْدر، فإنَّها تسقط عنه؛ لأنَّها في حكم ما لم تثبت اليدُ عليه، ما لم يكن ذلك بتَعَدٍّ منه أو تفريط، فإنَّها لا تسقط عنه.

وإذا جعلها في البَيْدَر فإنَّها تجب عليه، حتَّى لو تلفت بغير تَعَدٍّ ولا تفريط؛ لأنَّه قد استقرَّ الوجوب في ذمَّته فصارت دَيْناً عليه.

يقول صاحب «الروض المربع»: «وإذا اشتدَّ الحبُّ، وبدا صلاح الثمر وجبت الزكاة؛ لأنَّه يقصدُ للأَكل والاقتيات كاليابس، فلو باع الحبَّ أو الثمرة، أو تلفا بتعدِّيه بعدُ، لم تسقط، وإن قطعهما أو باعهما قَبْلَه فلا زكاة إن لم يقصد الفرار منها. ولا يستقرُّ الوجوب إلَّا بجَعْلِها في البَيْدَر ونحوه، وهو موضع تَشْميسها وتَيْبيسها؛ لأنَّه قبل ذلك في حُكْمِ ما لم تثبت اليدُ