للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب ميراث القاتل]

لا يخلو قَتْلُ الوارث مُوَرِّثَه من إحدى حالتين:

الحالة الأُولَى: أن يَقتُلَ الوارثُ مُورِّثه بغير حقٍّ، أو أن يُشارك في قَتْله قَتْلًا يُوجب قِصاصاً، أو دِيَةً، أو كَفَّارةً؛ سواء كان القتل عن عَمْدٍ، أو شِبْهِ عَمْدٍ، أو خطأ، بمباشرةٍ أو سببٍ، وسواءٌ كان القاتل صغيراً أو كبيراً. فإنَّ القاتل لا يَرِثُ من المقتول. والأصل فيه ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال: قال رسول الله يقول: (لَيْسَ لِلْقَاتِلِ مِنَ الِميرَاثِ شَيْءٌ) [رواه النسائي في «الكبرى»، والدارقطني]، فلفظ (القاتل) عامٌّ يدخل فيه كلُّ قاتلٍ، سواء كان متعمِّداً أو مخطئاً، مباشراً أو متسبِّباً، صغيراً أو كبيراً.

ولأنَّ توريث القاتل يُفضي إلى تكثير القتل استعجالًا لموت مورِّثه ليأخذ ماله، فمنع سدًّا للذريعة، وصيانةً للدماء.

- وإذا فعل الوالد بولدهِ فعلًا لحاجةٍ؛ كأن يسقيه دَواءً، أو يؤدِّبه، أو يفْصِدَه، أو يُحجِّمه، فيموت الولد من ذلك، لم يرثه؛ لأنَّه قاتل (١).

- وإذا شربت المرأة دواءً فأسقطت جنينها، لزمها الدِّيَةُ، وهي غُرَّة عبدٍ أو أمةٍ قيمتها خمس من الإبل. ولا ترث منها شيئاً؛ لأنَّها قاتلة.


(١) قال اللَّبدي في (حاشيته على نيل المآرب): «اعترضه المُوفَّقُ بأنَّ هذا قَتْلٌ غير مضمونٍ بقِصاصٍ، ولا دِيَةٍ، ولا كَفَّارةٍ، … فكان مقتضاه عدمَ المنع من الإرث. وصوَّب ذلك في (الإقناع). وهو الموافق لقاعدة المذهب. واختاره الشارح أيضاً. قلت: وهو الذي يجبُ المصير إليه».